والربيع هو الفصل الأجمل من فصول السنة، لا التسمية السياسية العربية الرائجة التي شوّهت الفصل، وانحرفت بإرادة الشعوب.
الربيع في بغداد فصل استثنائي غالبا ما يمتلك القدرة على أن يمتدّ فيأخذ من الفصلين القاسيين المحيطين به شيئاً من حصة أحدهما أو حصتي كلتيها فيكون ربيعاً عامراً باللطف والجمال.
حياة المدينة يمكن أيضاً أن تندمج بلطف الربيع وتضفي عليه فيضاً من روحها.
وفيما نحن في أيام معرض الكتاب فإن بغداد والبغداديين جعلوا من نسخة هذا العام من المعرض مناسبة حيوية لتأكيد رفعة الحياة، وسمو التطلع فيها، ودائما كان الكتاب من علامات الحياة في هذه المدينة المفتونة بالكتاب والفاتنة به.
وإذا ما ذكّر المرء منا بـ (البغداديين) فإن المراد بهذا الانتساب إلى بغداد ليس سكان العاصمة حسب، وإنما أيضاً جميع العراقيين، كل عراقي هو بغدادي، له حصة فيها وعليه مسؤوليات إزاءها.
نسخة هذا العام كانت أكثر تعبيراً عن إمكانية أن تعمل الثقافة والكتاب شيئاً جديراً بالثقة والاعتزاز من أجل بغداد
والعراق.
نجاح إدارة المعرض في التنظيم كان إشارة مهمة في مسار تأكيد إمكانية أن تعمل الجهات غير الحكومية ما يمكن أن تتعثر به البيروقراطية الوظيفية، وهي إشارة توجب التطوير وعدم الوقوف عند
المتحقق.
في الثقافة يجب تقليص المسؤوليات التي تضعها الحكومة على كاهلها فيما لا داعي لهذه المسؤوليات المعيقة في كثير من مجالات حضورها.
مسؤولية الجهات الثقافية في الحكومة هي توفير الدعم لا تولّي الإدارة والتنظيم، وهي في النهوض بالبنية التحية اللازمة للأداء الثقافي.
ومن هذه البنية المسارح والقاعات اللازمة للفعاليات الثقافية.
والقاعة التي أُقيم فيها المعرض الناجح، مثلاً، لا تليق بالمعرض ولا ببغداد ولا بتاريخها العريق مع الثقافة والكتب.
كانت(تفي) بالغرض لأن المعرض، من حيث المشاركات أقل مما هو متوقع لمدينة كبغداد.
يجب توقّع أن الدورات المقبلة ستتطلب فضاء أوسع، ومكاناً أفضل عمراناً، وخدماتٍ أكثر حداثةً وتنوعاً وتلبيةً لمتطلبات الناشرين الوافدين والمحليين، والكتّاب الضيوف، والصحفيين، والزوار القادمين من مختلف
المحافظات.
يحتاج المعرض إلى بناية أجدر به، ومن الممكن استثمارها طيلة السنة للفعاليات الثقافية والفنية، إضافة إلى تنظيم معارض تخصصية للكتاب، وبما يلبي حاجة الجامعات والمؤسسات والأفراد.
وما دمنا بصدد الجامعات والمؤسسات الأخرى فإنها يمكنها أن تكون عامل تفعيل مضاف للحيوية التي يبديها جمهور القراء في إقبالهم على الكتاب
واقتنائه.
يجب القول لإدارة المعرض، وبالتزامن مع الثناء على هذه الإدارة، بضرورة تجاوز بعض أخطاء التنظيم في الفعاليات الثقافية المرافقة للمعرض.
لابد من استشارة مّن هم أكثر خبرة في هذا المجال، المرء منا لا يستطيع أن يكون ملمّاً بكل شيء.
وكانت الفعاليات غير متوازنة بأكثر من مجال، مما يقتضي التنويه لا التفصيل في ذلك.