تأخرت كثيرا
في الكتابة عن مريم
أعترف أني قصّرتُ كثيراً.
تأخرت عنك حين كان ينبغي أن لا أتأخر.
ولم تتأخري أنتِ عني حين كان ينبغي لك أن تتأخري يومها.
يومها دخلت جريدة الجمهورية ولم يرحب بي إلا من كان مغامرا وقلبه ميتا ليس بالقسوة وإنما بالحب، كان اليوم الأول لظهوري في الجريدة مطلق السراح من سجن المخابرات.
أول سيدة أطلت عليّ مبتسمة كانت مريم، وكانت ابتسامتها كوناً من الأمان والسلام والمحبة، ولا عجب فهي ابنة المسيح.
" ما زلتَ تفضّل القهوة من يدي؟"
سألتني، وأخذت بكفي إلى حيث غرفتها ومكتبها.
لم تكن هناك قهوة..
كل ما أعطتني إياه هذه الجملة التي كانت تتطلب السرية والوحدة:
" لا تتحدث حتى لي عن أي شيء مررت به"، انحنت وقد ضاقت بعبرة في صدرها وبدمعة على طرف عينها، واضافت:
" لا ترَ فلاناً أرجوك.. لا تتكلم إليه بشيء.. لم يبق الكثير".
وكان فلان واحداً ممن كنت أغرقتهم بالفضل والمعروف.. وكان من فرط خوفه أن تبرع بمعلومات لم أتحدث بها حتى اليوم ولن أتحدث، فأنا أقدّر ضعف البشر واستسلامه للخوف، وهو ما زال صديقا ولا يعرف ولن يعرف أني عرفت بما فعل.
لقد نصحتٍني يا مريم في الحين الذي ما كان ينبغي لأحد أن يتورط بنصيحة أحد..
لا أحد يمنح مثل هذه النصيحة ولا أحد يأمن لمجرد أن يلتقيني، لكن مريم تجاوزت مجرد اللقاء إلى البوح الحريص والنصح المخلص الشريف.
ألم أقل إني تأخرت عليك حين لا ينبغي التأخير، وإنك لم تتأخري عني حين كان ينبغي لك أن تتأخري يومها؟
مريم السناطي.. كوني بخير، وتمنيات حارة بشفاء قلبك الكبير الذي وسع بمحبته العالم.
دمت بسلام، يا سيدة السلام.