"الحمار الأبيض"
رواية مصورة عن الحرب في العراق
كتابة / بن كيسلنغ
ماكسيميليان اوريارتي جندي أمريكي عمل كنائب عريف في سلاح مشاة البحرية أثناء الاحتلال الأمريكي للعراق خلال الفترة من 2007 لغاية 2009 لفت نظر قائده برسومه الكاريكاتيرية الساخرة فطلب منه الأخير أن يوثق أعمال كتيبته أثناء قتالها في الفلوجة فوجدها فرصة في إغناء تجربته الفنية في هذا المجال الذي اختاره حتى بعد تسريحه من الخدمة في الجيش حيث أصدر رواية مصورة بعنوان " الحمار الأبيض " سلط من خلال رسوماتها جوانب مملة وخشنة من الحياة اليومية في سلاح مشاة البحرية، هذه الرسوم انتشرت بين الجنود أوائل عام 2010 في أعقاب ظهور موقع "تيرمنال لانس " الذي أشرف عليه الجندي السابق في البحرية اوريارتي وقد وجدوها تنطق بالحقيقة حقيقة بعض الضباط الذين كانوا يحاولون جعل حياتهم صعبة في هذه البقعة الملتهبة من الحرب، وفي غضون أشهر قليلة حصل الموقع على أكثر من ألف زائر يوميا ارتفعت زيارته في وقت لاحق من ذلك العام بعد ما قامت صحيفة تايمز بنشر مقالا تعريفيا بالجندي السابق في مشاة البحرية الأمريكية الذي يحرره ليحصل على حوالي 100،000 ألف زائر يوميا و1.2 مليون زائر في الشهر .
وهناك نسخة ساخرة توزع أسبوعيا على قواعد مشاة البحرية في جميع أنحاء العالم من هذا الموقع بإشراف من الصحيفة نفسها حتى أن بعض مشجعي الموقع وضعوا وشما يصور صاحبه الرسام الكاريكاتيري في مناطق متفرقة من أجسادهم.
كتابه " الحمار الأبيض " هو رواية مصورة صاحبت رسومه منذ خدمته في سلاح البحرية عام 2007 ودوره القتالي في مدينة الفلوجة العراقية التي شهدت وقتذاك معارك طاحنة مع المسلحين من أهلها قال عنه اوريارتي:
أنه استخدم الكلمات والرسوم بأسلوب ساخر ناقلا عواقب الحرب والعلاقات المتوترة بين الجنود، ويأتي عنوان الكتاب من حمار أبيض شاهده يسير بكل هدوء أمام رتل عجلات وحدته القتالية في أحد شوارع الفلوجة دون أن يعير أي اهتمام لما يحدث فيها، ويرى أن تلك الحرب كانت أكثر مأساة من حروب سابقة شنتها أمريكا في مناطق متفرقة من العالم، وهو يبلغ الآن 29 عاما وقد حصل على درجة البكالوريوس في الفنون الجميلة من كلية كاليفورنيا للفنون بعد خروجه من مشاة البحرية ويستند في نشره تلك الرواية المصورة على الحقائق نفسها التي عاشها لنقلها كما هي إلى بلاده.
وقد كان عدد من المانحين يقدر بألف وثمانمائة وعدوا ماكسيميليان اوريارتي بتقديم الدعم المالي له باستمرارية موقعه " تيرمنال لانس " وأي نشاط يمكن له نشره علما أن موقع أمازون الشهير أعلن في الجولة الأولى بيعه 3000 نسخة في 36 ساعة فقط، أما وكيل أعماله فقد صرح أنه يجري محادثات مع الناشرين حول الموافقة على إصدار طبعة ثانية لرواية " الحمار الأبيض " نظرا للإقبال الشديد لاقتنائها خاصة من عديد المشجعين له من مشاة البحرية المجندين ومن المحاربين القدامى وممن تستهويهم الكتب المصورة. أما بينج ويست وهو أحد الجنود المخضرمين ممن خدموا في البحرية وأصدر عشرات الكتب بما في ذلك مذكرات عن الفترة التي قضاها في فيتنام قال عن هذه الرواية المصورة أنها شكل من أشكال الكوميكس حافظت على ديمومة هذا اللون الساحر من القراءة المصورة خاصة وأنها تتناول صفحة دامية من صفحات الحرب على العراق ويستطيع أي واحد منا مطالعتها بسرعة وتمريرها إلى البقية بكل سهولة.
والحمار الأبيض الذي ألهم عنوان الرواية كان يتجول في أحد شوارع الفلوجة الخالية محاولا الخروج إلى منتصف الطريق حيث واجهته قافلة سلاح البحرية مما اضطرها بكاملها للتوقف والانتظار حتى مروره، كان هذا المنظر قد أعجب المؤلف ما جعله عنوانا وبطلا رئيسيا في روايته حيث يتم ظهوره في لحظات مهمة مع بطل الرواية آبي أحد أفراد مشاة البحرية الذي سيكمل عامه 21 أثناء تواجده في العراق والذي يبحث عن معنى وجوده في هذه الحرب وفي هذا البلد ليلتقي بضابط شرطة عراقي يتقن الإنكليزية يحكي له شعوره بالاشمئزاز من الشبان الأميركيين الذين يأتون حاملين معهم غطرسة الاحتلال ليعودوا بعدها إلى بلادهم تاركين ورائهم بلدا ممزقا، وكل من قرأ الرواية خاصة من العسكريين انتابهم الشعور بالاغتراب لأن الذي أصاب الجندي آبي بالملل من الحرب سيصيبهم وسيبقون ينظرون إلى السلام بين شعوب الأرض بعدما رأوا بأم أعينهم صور المدنيين الذين شوهتهم الحرب وحتى أعز أصدقائهم وقد تناثرت أشلائهم على قارعة الطرق نتيجة القتال، الجنرال روبرت نيلر وهو قائد سلاح مشاة البحرية قال عن المؤلف أنه يستخدم فنه وخفة دمه لمعالجة القضايا التي يتعامل معها المارينز خاصة الخطرة منها في عموم تواجدها.
ماكسيميليان اوريارتي انتقل بعد ذلك إلى لوس انجليس من منطقة خليج سان فرانسيسكو على أمل إقامة استوديو للرسوم المتحركة وتحويل "تيرمنال لانس" إلى برنامج تلفزيوني، وقال انه لا يعتزم البقاء فقط مع روايته " الحمار الأبيض" بل إن له رواية مصورة قادمة ستكون حول العلاقة المعقدة بين الأم والابن وتأثير ذلك على سلوكهما في المجتمع اللذان يعيشانه.
صحيفة / وول ستريت جورنال