"الجزيرة العائمة"
رواية جول فيرن الشهيرة قراءة جديدة
كتابة/ الناقد الأمريكي المعروف مايكل ديرد
الناقد الأكثر شهرة في أمريكا مايكل ديردا يلقي نظرة جديدة غير مسبوقة على رواية جول فيرن "الجزيرة العائمة" التي نشرت لأول مرة في عام 1895، حيث كتب يقول:
كان دافع فيرن الذاتي عبر روايته هذه هو هجاء المجتمع الفرنسي الذي ينتمي إليه واصفا إياه بالمجتمع المكبل - آنذاك-، وهي نظرة جد متقدمة لهذا الكاتب العبقري، كتبه:
"رحلة إلى مركز الأرض"،
"عشرون ألف فرسخ تحت الماء" ، "من الأرض إلى القمر"،
"حول العالم في ثمانين يوما".
دائما ما أتذكر نشوة الطرب التي انتابتني حين أكملت قراءة الثلاثة الأولى من هذه العناوين عندما كنت في الصف السادس والسابع جنبا إلى جنب مع روايتيه "سيد العالم"و "ميشيل ستروغوف".
لقد استمتعت بهذه الرحلة الفكرية داخل عوالم هذه الروايات المليئة بالأعاجيب والتي لا مثيل لها بين الروايات الأخرى لحد الآن.
في فرنسا العديد من أعمال فيرن كان أول ظهور لها كجزء من سلسلة تعليمية للشباب صدرت بكميات كبيرة وبتصاميم غريبة وملونة في حين أن النصوص نفسها قد زينت بصور تمثل زخارف ونقوش تهدف في توجهها إلى الإرشاد أولا والترفيه ثانيا، وقد سعى جامعي الكتب النادرة بعدئذ إلى جمعها حيث بيعت طبعاتها الأولى بعد عقود طويلة بأسعار خرافية.
وروايات جول فيرن أيضا يمكن أن تجعل القارئ يستغني عن الكثير مما يقع في يديه من خرائط حول جغرافية المدن وثقافتها وعلومها بفضل ما وضعه عنها شملت أماكنها وأشهر المعالم فيها إضافة لأحدث الاكتشافات التي توقعها وأصبحت حقيقة فيما بعد باستخدام التكنولوجيا الحديثة لها ، ومع أننا لم نذهب ببساطة للتعرف على المذنبات أو استكشاف المحيطات في غواصة بل تعلمنا الكثير عن العالم المادي وعجائبه من خلال قراءتنا لرواياته.
إن "الجزيرة العائمة" نشرت لأول مرة في عام 1895 والمتوفرة الآن في طبعة جديدة من جامعة نبراسكا تركز على جزيرة اصطناعية يعيش فوقها مجتمع ميسور ذو ثراء فاحش وتسير هذه الجزيرة العائمة بواسطة محركات ضخمة في رحلة بحرية تشمل محيطات العالم، رواية فيرن بالتالي تتيح لنا جولة مع الكابتن كوك في المحيط الهادئ وفصولها تشبه سجل لرحلة عطلة طويلة مماثلة لتلك التي ترعاها وكالات السفر الشهيرة مع معلومات مفصلة حول السكان من هاواي وتاهيتي وساموا وفيجي وهبريدس، كما تحتوي على بيانات إثنولوجية وتاريخية وبصرف النظر عن ميلها الرواية نحو رحلة خيالية، إلا أنها تقترب إلى حد كبير من الكوميديا التهريجية سلابستيك بهجائها المتبصر للرأسمالية في نهاية المطاف والتي يمكن أن تتطور إلى نوع من التشاؤم حاملة معها حكايات تحذيرية مما ستؤول إليه التكنولوجيا وأثرها في المجتمع وكأنه كان يتوقع خيبة أمل كبيرة تؤدي إلى كارثة.
جول فيرن لا يقدم تأريخا محددا لعمل الرواية على الرغم من أنه يجب أن تكون في وقت مبكر من القرن العشرين نظرا لأن هذا القرن شهد بداية طفرة كبيرة لابتكار الكثير من الاختراعات المهمة، فهو يتنبأ من خلالها بالعربات التي تعمل بالبطارية وكذلك بالطاقة الكهربائية التي تحرك السلالم والحمامات ذات الحنفيات المبرمجة للمياه الساخنة والباردة وأحواض تفريغ تعمل تلقائيا وسخانات المياه وصناعة الحديد بأشكال مختلفة وحتى الأثاث الذي يعمل ميكانيكيا. في جولة سيرا على الأقدام في هذه الجزيرة العائمة نستطيع أن نشاهد عديد الأجهزة المتطورة، مثل مبرقة الرسائل " التلكس" حاليا ومكتبة المدينة التي تؤجر الكتب الصوتية وبعض الدوريات مطبوعة على ورق صالح للأكل أحبارها عبارة عن شوكولاته بحيث يمكن قراءتها ثم تؤكل بعد الفراغ منها، وإذا كنت لم أقرأ جول فيرن منذ طفولتي بتمعن وتركيز فالآن هو الوقت المناسب لإعادة اكتشافه من جديد بعد أن أخذت جامعة نبراسكا إعادة طبع رواياته التي حازت على إعجاب العالم في كل مكان لتشمل "مطاردة النيزك" و "منارة في نهاية العالم" وروايات أخرى له، ومع ذلك هذه الطبعة من "الجزيرة العائمة" قد تخلو من الزخارف التي حملتها طبعاته السابقة، لكنها جاءت بمقدمة تعريفية لكل رواية توفر إضافات مفيدة لقارئها الذي لم يقرأ أبدا لفيرن. عن / صحيفة واشنطن بوست