حقيقة الاحكام الفقهية
يمكن وصف الاحكام الفقهية في النص القرآني انها حاصل تجربة احلام النبي ومفسرة لها، الطهارة المعنوية بصورتها الظاهرية من غسل اليدين والوجه والتي هي مقدمة لاقامة الصلاة قد رأها النبي في رؤيا الوحي وقد امر بها، وكذلك الامر بالنسبة الى النواهي كالخمر والخنزير والدم وبقية المحرمات الواردة في النص..
وبعبارة اخرى:
الهدف من الطهارة والنورانية والتي جاءت على شكل اداب ومناسك...
كل ذلك ظهر له عن طريق الرؤيا، ومن هنا جاء النص في سورة المائدة بعد ذكر احكام الوضوء والغسل والتيمم ليقول:
ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم.. فجعل تلويث اليدين والوجه بالتراب نوعا من الطهارة، وهذا النوع من الطهارة حالة من الرؤيا، وعليه فالاحكام العبادية لا يمكن تحليلها او تبيانها عن طريق العلم والتجربة لانها تنتمي الى عالم الخيال والرؤيا وهو عصي على التحليل العلمي التجريبي، لان مقدماته غير حسية وغير موصلة الى الغايات الحسية.
لاحظوا حكم حرمة لبس خاتم الذهب على الرجال:
روى بن عباس أن النبي رأى خاتماً من ذهب في يد رجل فنزعه وطرحه وقال:
يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده. فقيل للرجل بعدما ذهب رسول الله خذ خاتمك انتفع به فقال:
لا والله لا آخذه وقد طرحه رسول الله.
و ورد في سنن النسائي عن أبي سعيد أن رجلا قدم من نجران إلى رسول الله وعليه خاتم من ذهب فأعرض عنه رسول الله وقال:
إنك جئتني وفي يدك جمرة من نار .
وعلى هذا الحال يمكن قياس بقية الاحكام الفقهية اذ لا تفسير سوى الخيال.
فالتشريعات تتطلب غايات تجريبية واجتماعية ونفسية وهذه الغايات مفقودة عند الانبياء انها مجرد حقائق ومبادئ غيرحسية يعلوها الوجوب والتحريم . وقد تقدت الاشارة الى نوعين او لغتين تحتويهما النصوص لغة تنتمي الى عالم الرؤيا هي تلك النصوص التي تتحدث عن عالم الغيب والشهادة ، عن عالم اللامحسوس والمحسوس، نصوص تصف الملائكة والقيامة والجن والعرش والميزان.. واخرى تأمر وتنهى وتشرع احكاما وقضاءا وعقوبات.. هذا يجعل القارئ للقرأن امام نوعين من القراءة، قراءة يشوبها الخيال والرؤيا واخرى تعلوها الواقعية واليقضة، وكأن العين التي قد غشيها النوم وهي ترى مخلوقات كأن رؤوسها طلع الشياطين قد استيقضت لتشرع احكاما وقوانين.
هذان النحوان من القراءة احدهما ينتمي الى عالم الاحلام والاخر الى عالم اليقضة يمكن وصفهما باللغة الواحدة، ويمكننا القول ان للقرأن لغة واحدة هي لغة الاحلام، وذلك لان الفضاء الذي تتحرك به لغة الوحي هو فضاء خيالي ومنبع الوحي هو التصورات والانكشافات.
من هنا يفهم الخطأ الذي وقع به المفسرون حيث ابتدأوا قراءتهم للنصوص من عالم الشهادة وغرتهم الاحكام والتشريعات وانتهوا بعالم الغيب فوقعوا في ورطة حل طلاسم ذاك العالم المجهول، بل حتى عالم التشريعات والاحكام هذا يعلوه لون الغيب بدرجة اندماج لغة الغيب بلغة التشريعات.
هذا يقودنا الى التصور الذهني عن الله والناتج عن اندكاك عالم الغيب بعالم الحضور، اتصال الخالق بالخلق وتصور الاله بشكله المادي البشري، فيتصور الذهن ان الله جالس على العرش كالملك المقتدر المهيمن حيث يدور حوله ملائكة غلاظ هناك في السماء السابعة وبيده الرمونت كنترول وعن بعد يرسل اوامره لعباده يحركهم ذات اليمين وذات الشمال، ويفرح لفرحهم ويحزن لحزنهم، يدعوهم الى السلم تارة والى الحرب تارة اخرى بل يقاتل معهم ويمدهم بألف من الملائكة مردفين.
اندكاك الخالق بمخلوقاته وحضوره فيهم اهم شئ ممكن تصوره في الانكشاف الروحي الحاصل للنبي حيث انعكس على جملة من النصوص فكان يرى ويسمع المخلوقات تسبح بحمده، وما من شئ الا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم..، ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته..
وتنسب كل الافعال اليه وحده فهو يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته، ويريهم البرق خوفا وطمعا، وينزل من السماء ماء طهورا، وهو معكم اينما كانتم، وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى، افارايتم ما تحرثون اانتم تزرعونه ام نحن الزارعون.
للحديث تتمة..