المرجع الديني بالمفهوم التقليدي للكلمة وهو العالم الديني الذي يمتلك قدرة امعان النظر والاستنباط وابداء الرائ في احكام الدين، ايا كان المذهب الذي ينتمي اليه، وعلى الناس الرجوع اليه في الفتوى، ومن هنا جاءت لفظة المرجع اي الشخص الذي يرجع اليه..
والامر لا يخص المرجعية الشيعية فقط وانما هي المرجعية الاسلامية بعمومها..
نعم هي المصداق الابرز لاعتبارات دعاوى فتح باب الاجتهاد عندهم وغلقه عن سواهم، لكن الامر بمضمونه تشترك به كل المذاهب الاسلامية.
واوَل ما نقل الينا من صور التنظير الفقهي من قبل ائمة المذاهب ما نقل عن الشافعي من الاستدلال على الاحكام بالقياس، وكذلك ما روي عن ابي حنيفة النعمان من القول بالقياس والاستحسان وقد اعابه على ذلك الامام جعفر الصادق ورده بأن دين الله لا يصاب بالعقول.
وصورالاجتهاد والمواقف الفقهية المنقولة عن مالك وابن حنبل ربما لاتختلف مضامينها عن هذا الخط.
وعلى الرغم من دعوى إغلاق باب الإجتهاد، إلا أن هناك العديد من الفقهاء الكبار لم يستجيبوا إلى حكم ذلك الإغلاق، فدعوا إلى الإجتهاد لكل من يقدر عليه، وكان منهم إبن تيمية وتلميذه إبن القيم الجوزية، وإبن حجر العسقلاني وتلميذه جلال الدين السيوطي.
واما ضمن دائرة الاجتهاد الشيعي فالملاحظ في الكتب الفقهية لقدماء فقهاء الشيعة وبالتحديد فترة ما قبل الشيخ محمد بن الحسن الطوسي كانت مجرد سرد للاحاديث والنصوص الشرعية؛ ومن دون ابداء للرائ اطلاقا اذ ليس من حق المرجع ذلك في مقابل النصوص؛ حتى اشتهر عنهم مقولة حرمة الاجتهاد وبالتالى التقليد في اصول الدين .
ثم بعد ذلك تطور الامر فاقتصرت حرمة التقليد على اصول العقائد دون الفقه؛ فاجازوا التقليد في احكام الفقه.
وبمرور الزمان تطور الجواز ليصل الى مرحلة الوجوب فافتوا بوجوب التقليد في احكام الدين.
ثم توسعوا في وجوب التقليد كثيرا حتى اصبحت مادة مصوبة في جميع الرسائل العملية لم يشذ عنها اي فقيه - بحسب تتبعي - تلزم الناس التقليد في الواجبات والمستحبات بل حتى المباحات!!
وفرضوا اشد العقوبات على من لم يلتزم بتلك المادة ببطلان الاعمال كلها فأفتوا ببطلان عمل المكلف من دون تقليد؛ ولا ننسى ان التقليد شامل للمباحات ايضا كشرب الماء مثلا.
وهكذا يستمر التوسع في مقام المرجع اكثر فاكثر ليشمل السيطرة على عصب الحياة وهي الاموال التي يحصل عليها الناس من خلال ارباح مكاسبهم عن طريق ضريبة الخمس عبر التوسع في مفهوم الغنيمة الوارد في النص القرآني "وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ" وتعميمها لكل مال يحصل عليه الشخص من قوت يومه.
ومن اوضح الواضحات ان الغنيمة لا تطلق بحال على المال الذي يحصل عليه الشخص في مقابل ما يقوم به من عمل..
وهددوا الناس ايضا ببطلان غسلهم للجنابة اذا ما قاربوا زوجاتهم حال الامتناع عن دفع الخمس.
ولم افهم وجه الارتباط بين الاثنين.
سوى انهم وبحسب مخيلاتهم يتعاملون بأعلى مستويات الحماقة مع العوام من الناس كما يسمونهم ويعتبرونهم لا يعلمون شيئا ولا يعقلون
...
وقضية الخمس هذه ورغم اصرار مراجع الدين على شرعيتها تبقى مثارا للجدل متى ما طرحت على طاولة النقاش، نظرا لقبح الاستدلال عليها وتضمنه تزييف لنصوص القرآن وللتاريخ، لكن مع القبح الشنيع الذي يعلو ادلتهم مما لا ينطلي على المجانين سكت العقلاء ممن ينتمي الى دائرة المرجعية او خارجها تغليبا للمصلحة المرجوة من تلك الضريبة لسد العوزعن الفقراء من اموال الاغنياء سيما ان تلك الاموال المجنية من ضريبة الخمس ستسلم بأيدي امينة! وهل هناك ايد اكثر امانة من المرجعية الدينية!
لكن عندما تتحول تلك الاموال الى بناء صرح شامخ اسمه المرجعية يتضائل امامه كل من لا ينتمي الى طبقة رجال الدين، وعندما تتحول نقطة القوة وهي حالة التكافل بين الاغنياء والفقراء الى نقطة ضعف يسحق بها الفقير حينئذ لنا مع هذا الجهاز الفاسد كلاما اخر ..
لقد اثار الدكتور شريعتي هذه النقطة في كتابه " التشيع العلوي والتشيع الصفوي" تاريخيا واثبت ان الخمس من جملة نقاط القوة الذي تحول الى نقطة ضعف بعد ان تم تشييد التشيع الصفوي على أشلاء التشيع العلوي.
واخيرا ناقش السيد كمال الحيدري ادلة الخمس وبيَن هشاشتها، رغم انها ليست بالامر الخفي، لكنه صوت مهم لانه نابع من المرجعية الدينية ذاتها.
وقصة عقيل بن ابي طالب عندما طالب اخاه عليا وهو خليفة المسلمين بحصة من بيت المال كونه بصيرا ومحروما من غنائم الحرب..
تبقى دليلا ظاهرا على بطلان الخمس..
ومثالا مثاليا يقض مضاجع المرجعيات الدينية.
اليس عقيلا اولى باموال الخمس من ذاك القادم من وراء البحار والمعتمر بعمامة سوداء مزيفة.
وعندما امتدت يد العوز ترجو العون من كرم الخليفة رجعت مرتجفة محترقة..
لماذا اعطاه الامام علي حديدة ملتهبة احرقت انامله بدلا من سد رمقه وعياله من حصته من الخمس..
انسي عليا اية الخمس.. وتذكرتها المراجع الدينية؟