هنا حالة البؤس والشقاء التي تعيشها بلاد الشرق.. وهناك حالة نشوة الانسانية التي تعيشها حكومات الغرب..
حروب وويلات وتمزيق للمجتمعات.. من جهة، مخيمات ومساعدات ولجوء انساني.. من جهة اخرى.
اعلان للحرب وقرار بمحو بلد كامل عن الخارطة... وفتح باب اللجوء للنازحين.
انه النفاق بعينه، فالتعامل الانساني مع ردود الافعال الناشئة من المصائب والمحن التي تمر بها شعوب الشرق من قبل الحكومات الغربية يمكن تصنيفها ضمن خانة النفاق، لسبب بسيط يكمن في امتلاك تلك الحكومات مفاتيح التحكم عن بعد بالموازين بما يحقق مصالحها حتى لو اقتضى الامر ابادة المجتمعات الشرقية برمتها..
اذن المعادلة غير معقدة بالشكل الذي يخفى على شعوب الشرق المنكوبة، انها لعبة قذرة تلك التي تمارسها بعض حكومات الغرب.
وهنا سؤال تقليدي:
لماذا نجعل الغرب دائما شماعة نعلق عليها مصائبنا.. تلك المصائب الناشئة من دواخلنا
فالفكر التكفيري والحكم باعدام المخالف منشأه واضح ومن يبذل ويكرم في البذل لترويج الفكر السلفي الرجعي منشأه واضح ايضا؟ فلماذا نصب غضبنا على الغرب الملئ بالانسانية ؟
والجواب تقليدي ايضا:
وهل تلك الحكومات ومعاولها الهدامة تمسك بزمام امورها؟
وهل تمتلك القرار السياسي المستقل لكي نجعلها علة العلل لكل ما نعيشه من مأسي ..
هناك قرار بابقاء الشرق مشتعلا الى اجل غير مسمى، وهي مصلحة غربية بامتياز ويشترك بها بعض الخونة من الحكام العرب.. ابتداء من الدكتاتوريات ولن تنتهي بالربيع الغربي (ب العين المنقطة).
والامثلة كثيرة متكثرة، وليس بعيدا ما حدث في بعض بلاد البلقان من حروب دينية وعرقية ومن ثم تقسيم لتلك البلدان، لكن القرار الغربي كان مع انهاء التوتر وابقاء المنطقة هادئة مستقرة.
ونظر الى الحروب والانقسامات الدينية في الشرق.. فالقرار مع ابقاءها مشتعلة.
وليس اكثر من ان تهجر تلك الشعوب اوطانها.. لتتدفق الحالة الانسانية الغربية بمنحهم اللجوء الانساني.
لقد آن الاوان للمصلحين من ابناء تلك الامم المغلوبة ان تشخص اسباب الخلل ثم النهوض من جديد.
السر مودع في كلمة واحدة اسمها الوعي، الوعي للماضي لادراك الحاضر.
لازالت شعوب الشرق تعيش سكرات الماضي ولن تعي الحاضر . لازالت ترقص وتغني على ايقاع مضى..
التمسك الاعمى بالماضي قد ينسي الحاضر..
من الخطا الفادح تصور ان الحاضر والمستقبل يقعان في سلسلة الماضي، وبلوغ المستقبل يستتبع قراءة الماضي.
فقراءة الماضي والاستغراق به شئ.. والوعي اليقض الماضي شئ اخر .
فهناك امم وصلت الى الذروة وهي تفتقد الماضي.
وعقيدتي ان ماضينا الشرقي هو جزء الماساة بل كل المأساة.