صوت الشعار الديني المصحوب برائحة الموت يحطم هدوء المدينة الصامتة ويقضي على حياة موظف مضى سبعة عشر عاما في خدمة الشرطة الاسترالية.
فتى البسوا براءته وشاح السواد القاتم هو الاكثر سوءا في ذاكرة التاريخ البشري، ومنحوه آلة القتل ليقضوا على أخر احلام طفولته وليجعلنا نعيش سكرات صدمة ما لها من فواق.
رسالة دامية تلك التي بعث بها الارهاب عصر يوم الجمعة الماضية عبر الهجوم المسلح على دائرة الشرطة في باراماتا نفذها شاب مراهق عرف بالتزامه الديني وتردده على مسجد يبعد بضع كيلومترات عن موقع الهجوم. ورغم ان التحقيقات لم تكتمل بعد حول جزئيات الحادث الا ان المعلومات التي كشف عنها تثبت ان العملية ارهابية ودوافعها سياسية.
ومما يثير الانتباه في كامرات المراقبة التي رصدت الحادث وبثتها وسائل الاعلام ان طريقة تعاطي الصبي مع الحدث من مسكه للمسدس اثناء التصويب وطريقة الانسحاب لا تتسنى لفتى في الخامسة عشرة القيام بها مالم يكن قد تدرب تدريبا جيدا، وهذا يرجح فرضية انه لم يقم بفعلته بمفرده.
انما هي فتنتهم وديدنهم في اغواء الشباب لنشر شرورهم عن طريق الخطاب الديني المتشدد.
اذن الارهاب يطرق بابنا من جديد، بل هو في عقر دارنا هذه المرة.
والسؤال لماذا؟
وكيف حصل؟
وما هي الدوافع؟
هذا جوابه عند اصحاب الشأن ممن يحقق في الموضوع. وليس عسيرا علينا التنبؤ به، وهو اكبر من كلمة تقال ومقال يكتب.
انه فكر متأصل وثقافة راسخة بحاجة الى اعادة نظر .. ان اردنا ذلك!!!
لكن سنعيد ما كررناه في اكثر من مناسبة... ان الخطر محدق بنا.. ودائرة السوء بدأت تتوسع اكثر من ذي قبل.. الاعتدال في الخطاب الديني سيسهل الامر.. والاسهل من ذلك الابتعاد بالاولاد الصغار عن اماكن ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب ظاهرها يصدع بصوت الاذان وباطنها يخفي البغض والكراهية.
الدين اكثر جمالا حين يشع حبا والفة واحتراما، لكنه اكثر بؤسا حين ينفث سما زهاقا، ولعلها مكابرة ما يقال ان لا علاقة بين الدين وما حدث وسيحدث..
انها الديناميكية التي يستبطنها الخطاب الديني المتشدد والتي تحرك الشباب لترك اوطانهم والالتحاق بركب الارهاب، او تصيرهم دمى تنفذ مخططاتهم الشيطانية. الشباب ليسوا بحاجة الى طقوس جوفاء قد تحولهم الى اداة لنشر الرعب، هم بحاجة الى من هو اهم من كل ذلك وهو غرس روح الحب في نفوسهم.
نقل لي ان ام الفتى كانت فرحة بالتزام ابنها الديني انه يصل الخمس ويصوم رمضان. لكن ماذا جنى وجنت!!
انه افتقد الحب ففقد حياته وقضى على حياة غيره. ولعله درس عبرة للعائلة المسلمة ان تنكفئ على نفسها وتلتفت لافرادها وتتابعهم وبمن يتواصلون.
هناك اشياء جميلة في الحياة ينبغي ان تعيها العائلة المسلمة وتستلهمها.
هو الحب لكل شئ ولا شئ سواه!