سيبقى الرابع والعشرون من آذار 018 ، يوم إغلاق باب الترشيح لانتخابات اتحاد الكرة، يوما مشؤوما في تاريخ الكرة العراقية .. يوما ستتوقف عنده الأجيال طويلا بكثير من الغضب، وبقدر أكبر من الحسرة على ما آلت إليه مفردة انتخاب في العراق، عندما تحولت عبارة الاستجداء الشهيرة (لله .. يا محسنين) والتي أدمنـّا سماعها في الأفلام المصرية إلى عبارة أشد قسوة على النفس وهي (لله .. يا ناخبـيـن)!
الانتخاب عندنا، في كل مظاهر الحياة السياسية والاجتماعية والنقابية ثم الرياضية ، له مدلول الاستجداء، بعد أن تحول الصندوق الانتخابي الذي يفترض أنه تعبير واضح عن ممارسة ديمقراطية، إلى عملية فيها استحواذ وسيطرة وهيمنة ..
والمشكلة الأكثر فداحة أن القوى الضاغطة باتجاه بقاء الحال على ما هو عليه، تتغنى بالمشروع الديمقراطي الذي يلقي بظلال وردية حالمة واعدة على مستقبل البلد.. هكذا تتصور ، أو هكذا توهِمنا، فيما الوقائع تثبت يوما بعد آخر أننا نخوض الانتخابات كي نكرّس كل مفردات التهميش والإقصاء، وإلا فبماذا نفسر هذه الصورة الحزينة التي ظهر عليها نجمنا الكروي الكبير نشأت أكرم وهو يواجه سيلا من العقبات والعراقيل لئلا يخوض انتخابات الحصول على مقعد في مجلس إدارة اتحاد الكرة العراقي الذي سينتخب نهاية شهر أيار المقبل؟ فيما كثيرون غيره لا يعرفون أبجدية كرة القدم ينالون (الثقة) .. ثقة التكتلات والتحزبات والصفقات لكي تكون الكرة العراقية تحت إمرتهم إلى ما شاء أو يشاء الله؟!
شعرت بحزن عميق وأنا أرصد نجما كرويا صنع الفرحة لنا، ولديه الكثير من الافكار العملية والمشاريع المدهشة، وهو يرى جمعا من (المشجعين) الذين كانوا يلهثون وراءه لالتقاط صورة معه، يتحولون إلى قوى كاسرة ترى لنفسها الحق في أن تعبث بمصير الكرة العراقية، وتجد لنفسها ألف مبرر ومبرر للدفاع عن (كيانها) .. الكيان الذي يعد نسيا منسيا إذا تم تجريدها من عضوية اتحاد الكرة..
فهي في الأصل شخوص قادمة من المجهول الكروي، وقد صنعت لها اسما في دنيا اللعبة بمجرد وصولها إلى سد الحكم الكروي!
في العراق يصح ما ترفضه الدنيا من حولنا .. نحن نضع الأشواك في طريق أهل (الصنعة) الحقيقيين القادرين على التغيير للأفضل ، فيما تفتح قوانينا – بكل الاستبداد الذي تزرعه – الأبواب أمام شذاذ الافاق للتحكم بمشاعرنا، فهم في واقع الأمر يتحكمون باللعبة التي تزرع فينا الفرح في أوقات الشدة، وهي التي تبعث في أنفسنا الأمل حين يصيبنا الإحباط!
لم يبق شيء في العراق ، لم تمتد إليه يد العبث جهارا نهارا .. لم يعد أي مرفق في البلد يتـّسع للفكر الجديد الذي يريد الانطلاق نحو الغد برؤية شفافة واضحة نزيهة، فقد تم تسليم البلد – بقضّه وقضيضه – إلى الفكر اللصوصي المهيمن الذي تمسكن حتى تمكـّن!