لا استطيع أن أمنح عقلي اجازة وأصدّق كل ما قيل أو يقال عن شرعية انتخابات اتحاد كرة القدم .
ولا يمكن من حيث المنطق أن نصدق ما يقال عن نضج المولود الديمقراطي في العراق وبلوغه عمر النضج في أي ميدان من الميادين والفعاليات الحياتية .. فنحن مازلنا نؤمن بنصف الديمقراطية ونمارس كل الاستحواذ والهيمنة والسيطرة والاستئثار .. نؤمن بها إذا أوصلتنا إلى مقعد أو كرسي أو منصب، ونهلل لها بوصفها الطريق الشرعي المتاح أمام أية (كفاءة) للوصول ..
ثم نشطب على الديمقراطية تماما في لحظة الوصول، ويصبح الدفاع عن المنصب أو الموضع معركة وجود في الدورة اللاحقة من العملية التي نسميها زورا وبهتانا وسخرية بـ (الانتخابات)!!
الطريق المؤدية إلى انتخابات اتحاد الكرة تقدم لنا ، مرة أخرى الدليل على هذه الفوضى العارمة التي تضرب البلد من يافوخ الرأس حتى أخمص القدم .. فالممارسة تجري على نحو كيفي لا رابط فيه ، ولا ضوابط منصفة، ولا فيها تقاليد تشبه ما يجري في العالم الكروي من حولنا، ومع هذا فان هناك من يتغنى بالديمقراطية آناء الليل وأطراف النهار، وهناك من يقول إن مجلس الإدارة المقبل قد اكتسب من الآن الصفة الشرعية ، ولا عزاء للخصوم أو المناوئين أو الرافضين، فهم مازالوا غارقين في الأحلام الوردية ، ولا يعرفون من أين تؤكل الكتف، ولا يريدون أن يتعلموا من سواهم!
قال لي أحد (الراغبين) في دخول الانتخابات من الوجوه المغمورة التي لا شأن لها بتاريخ أو نجومية كرة القدم : أريد أن أدخل الانتخابات وأنا الآن أحمل ترشيحي بيدي ، وأقسم بالله العظيم أنني لو حظيت بمقعد في الاتحاد فإنني لن اتنازل عنه إلا بالموت ، ولن تمرّ الانتخابات في المرة المقبلة بعد أربع سنوات إلا على جثتي ، ومن يريد أن يكون بديلا لي في الاتحاد الذي سينتخب بعد عمر طويل أي في عام 2022 سيمرّ على جثتي!!
هذا (الراغب) كان يتحدث وهو ما زال على الضفة، لم يبحر بعد في عرض بحر الانتخابات ، فتصوروا لو أنه وصل إلى الاتحاد بالاقتراع الشرعي ثم تحول إلى غول يحول بين الآخرين وبين العضوية التي يتمتع بها؟!
لا أظن أن هذا النموذج خارج عن البيئة الحاضنة للانتخابات الكروية ، وأي اية انتخابات أشمل وأعمّ في العراق ، فنحن كما قلت نؤمن بأي طريق يوصلنا إلى الموقع أو المركز ، ولا نؤمن بعد ذلك إلا بالبقاء حتى يشاء الله ، ولا بأس في سبيل هذا الهدف من الخوض في الأهوال والصراعات وقطع أي سبيل متاح أمام الآخرين لمجرد محاولة الوصول بالانتخاب! بعد هذا ، لا أرى عجبا في أن يكون الأول من نيسان ، وهو اليوم الذي تمّ فيه الإعلان عن (اكتمال) أو (نقص) ملفات الراغبين في دخول الانتخابات ، يوما كسائر أيام الكذبة الديمقراطية في العراق .. لقد فقد يوم الكذب العالمي بريقه ، لأننا في كل يوم لنا كذبة لا تبارى ولا تجارى تحت مسمى (الديمقراطية)!!