دخل الملا عبد الخالق مسعود عند انتصاف نهار الأحد الماضي مبنى اتحاد الكرة العراقي مُحاطا بالتهليل وبمظاهر أشعلتها الموسيقى والطبل، فيما جرى نحر الذبائح عند عتبة المدخل ابتهاجا وسرورا! كان المشهد برمته جديدا على ناظريّ، فلم يكن بين المألوف لدي أن يجري زجّ المظاهر الاحتفالية في (قلب) الأزمة الرياضية الطاحنة التي نعيشها، لكني لم أكن في حاجة إلى وقت طويل قبل أن أدرك أن هذه مظاهر كانت (واجبة) في نظر أسرة الاتحاد للتعبير عن التهنئة بوصول الرئيس إلى مقعد المكتب التنفيذي لاتحاد الكرة الآسيوي!
قلت في دخيلة نفسي : الناس تريد أن تفرح . ما الذي يمنع لا سيما وأن العراق غادر هذا المقعد منذ سنوات عديدة، لكن الأسئلة صارت تحاصرني بعد ذلك، وخصوصا حين دشّن عضو الاتحاد الآسيوي مؤتمره الصحفي وكنت أول السائلين أو المحاورين فيه! ففي انتخابات الاتحاد الآسيوي، وأية انتخابات نظيرة لا بدّ من عرض وطلب .. لا بدّ من خدمة إزاء أخرى .. لا بدّ من كواليس .. ولا بدّ من تطبيق مبدأ المبادلة صوتا بمقعد .. فالملا عبد الخالق أمسك بصوت العراق واستثمره في ما رآه صحيحا ويخدم وصوله إلى عضوية الاتحاد، لأنه لعب مع الموجة الرابحة والسائدة بل والغامرة وأعني بها موجة البحريني سلمان بن إبراهيم، فماذا يمكن أن يعود إلى العراق نظير هذا الصوت الذي لم يذهب لا في بداية التحضير للانتخابات ولا قبيل إجرائها بأيام إلى المرشح القطري أو الإماراتي؟!
كان مسعود يجيب عن سؤالي هذا وكل الاسئلة المماثلة بمنطق أن الخيرآت، وأن العراق سيحصل على المكافأة، وأن الكرة في العراق ستحقق الفائدة سواء في العمل الجدّي على رفع الحظر عن العراق كله أو في منح العراق مقعدين لا مقعدا وملحق في دوري أبطال اسيا .. ما لم يتطرق إليه العضو العراقي في الاتحاد الآسيوي برغم إلحاحنا عليه، تلك الفوائد الحقيقية والعملية والميدانية التي يجب للعراق أن يفتش عنها وهو يصل إلى المقعد الآسيوي .. أعني بالذات وجود الكثير من الكفاءات والخبرات العراقية في اللجان العاملة داخل الاتحاد الآسيوي والتي تمثل (القوة) الحقيقية لكل دولة متنفذة .. لأنها قوة كامنة لها فعلها في السيطرة والتأثير! هذه نقطة لم يتحدث عنها الملا عبد الخالق، وأخشى أن تكون موضع إهمال أو تضييع أو تمييع .. لا بل أنني أخشى أن يدفع العراق إلى لجان الاتحاد الآسيوي بممثلين لا يحملون إلا شهادة المجاملة أو توفير فرصة عمل لهم في ظل وضعنا الاقتصادي الصعب!
معرفتي العميقة ببواطن الأمور والنفوذ داخل الاتحاد الآسيوي تدفعني إلى إثارة هذه النقطة بالذات وفي موعد مبكر، قبل أن نحوّل هذه العصب المتشعب في جسد الاتحاد الآسيوي إلى وسيلة لتقديم خدمة إلى شخوص بعينها من دون النظر في كفاءتها وفي كفايتها لأن تدخل أجواء اللجان الآسيوية لكي تحقق للعراق مكاسب غير مقعد المكتب التنفيذي! لا يخفى أبدا أن الرخاء المالي الذي يعيشه الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، والعائد إلى حسّه التجاري المميز، دفعه إلى توسيع منافذ العمل لديه .. هذا التوسع صار متاحا للمئات في القارة الآسيوية، وربما يكون العراق هو البلد الأقل انتفاعا منها نظرا لغيابه عن مركز صنع القرار في المكتب التنفيذي .. ولكن أما وقد أصبح لدينا عضو في المكتب التنفيذي، فقد صار لزاما أن ينال العراق حصته من التأثير عبر اللجان .. ومن دون هذا التوجه الواقعي، سيكون الرقص على بوابة الاتحاد لدى استقبال الرئيس، مجرد فرح بالتصرف بحق العراق من دون السعي لتلقي الثمن عملا ونفوذا!