ها نحن نحث الخطى نحو ختام الموسم الكروي الذي سيدخل ذمة التاريخ بوصفه الأسوأ ليس فقط لجهة التنظيم، ولا لطول الأمد الزمني، ولكن لهذا التدني غير المسبوق في اللغة التي باتت تحكم العلاقة بين أطراف الكرة في العراق!
سٌباب من كل لون.. وشتيمة في كل الاتجاهات.. واتهامات بالعبث في النتائج، وانفلات على المدرجات.. وصراعات في العلن أكثر منها في السر بين (أصحاب) الأندية من مسؤولين و(متـشجعين).. وغياب مطبق للمسؤول عن ساحة المساءلة وتطبيق الحد الأدنى مما نفترضه قانونا يحفظ لنا أجواء كرة القدم!
ما كنا نخشاه في الأمس القريب ، بات هاجسا يشغل أهل الكرة، ويؤرق أصحاب القرار، ويثير فينا فزعا كامنا في أعماقنا البعيدة حتى حركته تلك المشاهد المؤلمة الأليمة التي خدشت المشهد الكروي في مباريات الدوري التأهيلي إلى الدوري الممتاز ووصمته بهتافات وتصرفات وأفعال وتصريحات غطـّت الشاشة، يندى لها جبين كل محب للكرة، وكل متابع للمباريات لا شأن له بهذا التطاحن على الهدف والنقطة والتي تدفع به إلى الواجهة أندية كبيرة وأخرى صغيرة بما تضمه من أشباه المشجعين!
في الأمس كنا نفخر بأن نقول للقريب والغريب إن كرة القدم في العراق تضمّد الجراحات ، وإنها تجمع المشاعر والأحاسيس، وتوحد الصفوف، وتذهب بأفكارنا وأفعالنا إلى خير الوطن وإعلاء سمعته.. كنا نقول إن الاحتقان الذي تتسبّب فيه السياسة، وعبث كثير من السياسيين، سرعان ما يتبدّد حين تدخل الكرة وتفرض مواعيدها ومبارياتها منطق الهدوء والتوحد، فينسى الناس همومهم ويستعيدون كثيرا من أمان الروح.. لكن الصورة تنقلب تماما في الموسم الحالي، فصار الفوز مكسبا وحيدا لا بديل له حتى لو قدم الفريق أداء متواضعا.. فهنالك دوما سلاح الجمهور والذي تلّوح به شلة منسوبة إلى بعض الفرق كوسيلة للاحتجاج أو الاعتراض على لاعبيها، ثم يتحول الأمر إلى غضب عارم على الفريق الغريم أو على حكم المباراة!
يستوجب مثل هذا التحول المقلق في ملاعبنا، ولا اتردد في القول إنه تحول مفزع.. يستوجب وضوحا من اتحاد الكرة في معالجة الأزمات أو الخروقات الأمنية في وقتها بدلا من تركها لتتراكم وهو ما حدث خلال الآونة الأخيرة، لنصل إلى حالة نتوقع فيها شروخا أمنية في أية مباراة.. السرعة في اتخاذ القرار العادل، والحزم في مواجهة المسيئين والمفسدين.. والتلويح بعصا العقوبة للمسيء مشجعا كان أم فريقا.. كلها وسائل ردع واجبة ومطلوبة بدلا من انتظار كرة العنف وهي تتدحرج وتكبر مع كل أسبوع.. ومن دون أن يواجه اتحاد الكرة ومعه الإعلام والأندية كل مسيء بالعقوبة المناسبة، لن نصل إلى أي مخرج من هذه الأزمة التي لا يجب التهوين منها الآن.. أسوأ ما يمكن أن نفعله أن نهوّن ونتراخى ونسامح دون وجه حق، لندفع الثمن في وقت قصير أو موعد يطول.
علينا الرد بتدابير تنفذ على الجميع من دون محاباة لنكون قد دخلنا فعلا في (أجواء) الرد على الإساءات، وعلى فوصل الشغب.. وإذا لم نتحرك الآن ، سنجد أن لهب الشغب سيلتهم الأخضر واليابس، ولن يبقي حتى للمسيئين مباريات يشاهدونها ثم يخرجونها من محتواها! الآن.. الخطر يحدق بي وبك وبالجميع.. فهلا تخلصنا من البلادة والركاكة في الرد على أفعال شائنة لا أب لها إلا شذاذ الافاق ممن يسعون إلى احتراب أبناء الوطن الواحد تحت ستار كروي حافظنا عليه طويلا، ولا سبيل لنا إلا خوض الصعاب لصيانته من كل معتد آثم!