من قلبِ الصقيع وتحت جَميده، يضيقُ القلب بما يحمل من أسرار، وتتقرحُ المآقي من حرارةِ الدموع، وتتمزقُ الضلوع مما آلت إليه الحياة التي يعيشها كل سوري في منافي اللجوء، تحت المخيمات التي بُنيت لتحميهم من برد الشتاء، وحر الصيف، لكنها اعتقلت الأحلام تحت مظلة الإنسانية، وسرقت براعم الوطن وشبابه، لتبدأ رحلة الابتزاز الحقيقية باسم اللاجئين السوريين، حتى وإن كان مارا مرور الكرام من أحد المطارات واجبا عليه أن يضع بصمته أنه لاجئ، وأن يصك على خاصرة ابنته أو زوجته ختم السبية بأمر الحاكم بالله، لتتقاضى كل دولة رسم تسجيل لاجئ، وإن لم يكن في عداد اللاجئين، وإلا يعود من حيث أتى دون متابعة طريقه.
ومن بقي داخل الوطن يعاني الأمرين بين مطرقة الإرهابيين الذين عاثوا فسادا بالوطن وسرقوا قوت الشعب، وبين سندانة الجوار الذين يقحمون أنفسهم تحت مظلة الإنسانية لتخليص الشعب السوري من الظلم والطغيان، ومن الجوع الذي جعله يعصب بطنه بالحبال، ومن العطش الذي أزهق حياته، لكن لم يفكروا لحظة واحدة أن سياسة الربع كم، أزهقت الأرواح، واعتقلت الأحلام، وسرقت القوت اليومي، والزيت المستقبلي، وأشعلت النار حتى امتدت ألسنتها إلى كل مدينة من مدن الياسمين، وبات الشعب السوري محط أنظار العالم ومصدرا للشفقة والشحاتة العلنية، على كل رأس مبلغا يصل إلى حكومته من الأمم المتحدة، لأن اللاجئين ما هم إلا رؤوس أغنام مرمية في حظائرهم.
ماذا فعلت لكم سورية لتجعلوا الدم السوري مباح حتى انتفضت الأرض مرتوية بدماء أبنائها، وامتزجت برائحة الياسمين؟؟؟ ماذا فعلت لكم سورية لتهجِّروا شبابها وتغتصبوا نساءها، وتجعلوهن سبايا في سوق النخاسة يبيع ويشتري بهن كل عتلٍّ زنيم؟؟؟
ماذا فعلت لكم سورية لتكون كعكة غنية تريدون اقتسامها على مذبح الإنسانية؟
ماذا فعلت لكم سورية لتنهشوا بمفاصلها تحت شعار رأب الصدع خوفا من أن تصل النار إلى البنت المدللة اسرائيل؟؟؟
سنصل بإذن الله وسنعيد فلسطين والجولان ومزارع شبعا ونرفع رايات النصر ترفرف بدلا من رايات العدو الصهيوني. ماذا فعلت لكم سورية وهي المكتفية ذاتيا بكل مواردها. ونقلا عن الدكتور نضال الشعار (وصل ناتجها المحلي في عام 2010م إلى 61.5 مليار دولار ؟ وأن أغنى 70 دولة في العالم جمعت 10 مليار دولار من أجل مساعدة السوريين "الذين في نظرهم أصبحوا مساكين". مع العلم في عام 2010م كان إنتاج حلب يتجاوز الـ 20 مليار دولار... في عام واحد فقط) ماذا فعلت لكم سورية لأنها فتحت أبوابها لجميع العالم بالماء والخضرة والوجه الحسن وحسن الضيافة؟ عندما تعرض الأرمن في عهد الدولة العثمانية إلى عدة مجازر لعل أهمها المجازر الحميدية ومجزرة أضنة ومذابح الأرمن خلال الحرب العالمية الأولى حيث راح ضحيتها ما يقارب ثلاثة ملايين أرمني، حيث المجازر كانت عشوائية، وتم مقتل العديد من مجموعات عرقية مسيحية خلال هذه الفترة كالسريان والكلدان والآشوريين واليونانيين وغيرهم.
ويرى عدد من الباحثين أن هذه الأحداث، تعتبر جزء من نفس سياسية الإبادة التي انتهجتها الإمبراطورية العثمانية ضد الطوائف المسيحية. بغض النظر عن العمر أو الجنس، واغتصاب العديد من النساء حتى غدت أغلبية مجتمعات الأرمن في الشتات نتيجة الإبادة الجماعية والتهجير، وما تبقى على قيد الحياة طردهم الجيش العثماني من ديارهم، وأجبرهم على الرحيل والترحيل القسري وهي عبارة عن مسيرات في ظل ظروف قاسية مصممة لتؤدي إلى وفاة المبعدين.
دون غذاء أو ماء لمئات الأميال حتى وصلوا سورية فاستقبلتهم بالأحضان. هل يصبح المجرم والحاكم بأمر الله بين ليلة وضحاها صديق الإنسانية وحبيب الشعب السوري، خائفا عليه، محاولا مد سلطته ولو على حساب القتل والتشريد والتهجير، حالما بـ امبراطورية عثمانية جديدة على دماء السوريين، وعلى أنقاض الدمار الذي خلفته الحرب القذرة من بوابات الشمال. هل يصبح المجرم حملاً وديعا، وصديقا ودودا بين طرفة عين وانتباهها خائفا على الشعب السوري ويريد تحريره من يد الاعتقال، ومن تحت الدمار، أم لاعتقال أحلامه تحت مظلة الإنسانية!!!