انتصفت السنة السادسة للحرب على سورية، وكل يوم تحمل في جعبتها جرائم يوثقها العالم في صمت مقيت تحت مسميات عدة، وأكثر ما يفعله هذا العالم القذر الذي يتكلم عن الإنسانية وعن أهمية الإنسان، يقف مكتوف الأيدي أمام تجنيد أطفال سورية في "جبهة النصرة" المجرمة التي جاءت إلينا من كل أصقاع العالم لتعلمنا الديموقراطية، وتمنحنا الحرية على جثث شبابنا وتسرق أطفالنا، وتتاجر بدمائنا، وتحرق مدننا تحت نيران الحقد، وتدمر أحياءنا باسم الديموقراطية.
تلك الحرب القذرة امتدت ألسنتها للقلوب فسحقت منها المحبة، وغسلت العقول لتقودها إلى حتفها في المقابر، وانتزعت الرحمة من الصدور لتجارة أعضاءٍ رابحة بإمرة أتاتورك الجزار العثماني التي امتدت على مساحة واسعة من العالم بسرقة أعين الأطفال وأكبادهم وقلوبهم الصغيرة التي كانت تحلم بالحب والمحبة، تحلم بعيش كريم تحت سماء الوطن، لكن أحلام الطفولة احترقت على عتبات الحياة وتلاشت في مهب الريح، حين تجرأت "جبهة النصرة" على انتهاك الطفولة دون رقيب أو حسيب، وبدأت بتجنيد أطفال سورية الذين لم يبلغوا الحلم بعد، يزرعوا في قلوبهم القسوة، ليستطيعوا جزّ الرقاب تحت اسم الله، والله بريء مما يفعله هؤلاء الوحوش البربرية، وربما الوحوش في الغابة أرحم منهم، وليستأصلوا من أفئدتهم البصيرة ليقتلوا بلا رحمة، ويأكلون الأكباد بلا هوادة في شريعة الغاب.
ما يقارب ألف 1000 ألف طفل سوري ومن تحت الخيام المنزوعة الأظافر انتهكوا طفولتهم، وعلى سرير التعذيب جندوهم، وتحت أكمام الموت زرعوا براءتهم التي لم تشهد حبًا قط، ولا حياة تملؤها ألعاب الصغار، ولا مراجيح العيد التي كنا ننتظرها كل عام.
1000 ألف طفل من مناطق مختلفة متفرقة سورية انتهكت "جبهة النصرة" براءتهم لتجنيدهم ضمن الفصائل المسلحة، دون رادع أخلاقي أو إنساني ليصبحوا فجأة في معسكراتهم أمام صمت عالمي مقيت وغياب عن الواقع الإنساني.
أينكم يا أصحاب الديموقراطية لتنقذوا فلذات أكبادكم، وبراعم سورية من أيدي القذارة؟؟ أينكم يا بائعين الإنسانية المزورة لتروا بأم العين براءة الحياة التي لوثتها براثن الجهل والقتل وسعت إليها الأيادي الصهيوأمريكية لتجزئ المجزأ، وتفتت المفتت، وتجسم على صدورنا، وشوكة في حلوقنا؟
تلك هي شرائعكم الضلالية!!! تلك هي عقولكم العفنة!!! تلك هي جرائمكم التي انتشرت بكل أنحاء سورية وسالت الدماء شلالات متناثرة!!! صبغت زهر الياسمين وأحرقت الأخضر واليابس على جبين الوطن!!! تلك هي أفعالكم جئتم إلى وطني لتقطعوا الرؤوس تحت أعمدته الأثرية، وتزجّوا الأطفال في سياق النزاعات الدائرة في المحافظات السورية، تحت حملة "انفر" التي دعت إليها "جبهة النصرة" القاتلة والمجرمة بلسان أعجمي مختلف الأشكال والألوان.
ما أبلد من يرقّع الكلام ليخرج مزهوا في عيون الآخرين، ما أسوأ من يبلسم الجرح بمدية الجزار، ما أحقر من يحمل شعار الحرية على دماء الأبرياء، ما أتعس من يصيغ القوانين من دساتير الأعداء، ما أبشع من ينتزع المحبة ليزرع الحقد باسم الله، ويفرق الناس شيعًا وقبائل، لاقتتال أبناء الوطن الواحد، ويضيع الحابل بالنابل، على صدر الوطن المذبوح من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب، الخراب والحرائق وكأن الإنسان السوري خُلق ليموت تحت نيران الحقد البشري في المدن الجميلة، وسرقة أطفال أبرياء بدعوتهم للتجنيد تحت عنوان حملة "انفر".
أنقذوا أطفالكم من معسكرات جبهة النصرة، وأضم صوتي إلى مجموعة الناشطين والمدرسين الذين قاموا بحملة تحت عنوان "أطفال/ لا/ جنود" لتخليص الأطفال من براثن المجرمين، وإبعادهم عن تلك الحرب القذرة.
أرفع الصوت عاليا إلى كل إنسان يحمل في صدره قلبا رحيما أن يأخذ بعين الاعتبار تلك الحملة لإنقاذ براعم سورية من مجرمي النصرة، براعم محافظتي إدلب وحلب، وأن يعمل جاهدا جنبا إلى جنب مع الناشط الإعلامي عاصم زيدان مدير حملة "أطفال/ لا/ جنود" للرد على حملة جبهة النصرة "انفر" بعد أن لاقت الحملة تفاعلا إيجابيا لدى أغلب المؤسسات التعليمية والاجتماعية، لكنها لم تكن علنية، كون الفصائل المسلحة تقاومها.
أرفع صوتي عاليا بهدف الحملة لتوعية الأمهات من خطورة إرسال أطفالهم للقتال ضمن الفصائل وتجنيدهم، وعليهم إرسالهم إلى المؤسسات التعليمية، ليتلقوا التربية والتعليم، ويقيموا النشاطات المدرسية التي تثقفهم وتدربهم على أن يصبحوا علماء الغد.
أرفع صوتي عاليا من أجل براعم سورية بعد أن صرّح مدير الحملة قائلا لـ"العربي الجديد": "الأطفال الذين وثقنا حملهم للسلاح من قبل الفصائل المسلحة تتراوح أعمارهم بين 14 و18 عاما، واكتشفنا غرابة الدوافع التي تجعل بعض الأهالي يجبرون أطفالهم على حمل السلاح، بعضها مادي وبعضها ديني، وأحيانا لمجرد الإحساس بالقوة من خلال أبناء مسلحين أو مجندين".
أرفع صوتي مع فريق الحملة:
"أطفال/ لا/ جنود" لتوعيتهم بشتى الوسائل والأساليب التعليمية والفنية، والمؤلف من عدد من الناشطين داخل سورية وفي شمالها بالتحديد تهدف إلى الحد من تجنيد الأطفال في الشمال السوري"، إنها جرام حب ضد الإنسانية.