قد يعاتب الأفراد بعضهم البعض محبةً ورغبة في إعلام الطرف الآخر بما يتوقع منه أن يفعله... وفي معظم الأحيان ينتهي العتب فور إرضاء الطرف المعاتب بتقديم التبريرات الفعلية لعدم تمكن الفرد من أن يقوم بالتصرف الذي كان يتأمله منه الشخص الآخر...
عموماً، في بعض الظروف قد لا تكون العملية بهذه السلاسة... فالذي لا يقدّر ظروف الغير ويتوقع منهم الكثير وكل ما هو فوق أستطاعتهم، فهذا المرء لا يعاتب بمحبة، بل بأنانية غير مكترثاً بحقيقة ظروف الطرف الآخر... وقد يؤدي هذا النوع من العتب الى برود وفتور في العلاقات الأجتماعية...
وهناك النوع الآخر من العتاب... وهو العتاب الجارح... والذي يتعمد من خلاله الفرد الى الإساءة الى الطرف الآخر رغبة بالتشهير والضرر.
وهذا النوع هو من تخصص خبراء النميمة في المجتمع... الذين لا عمل لهم سوى النهش في لحوم وسمعة الآخرين.. الذين لا يمكن إرضاءهم ولا حتى بلبن العصفور...
لا بل قد يتعدى الأمر الى التربص بالطرف الآخر لأن يسهو أو يغفل عن القيام بواجبٍ أو مهمة أو تصرف معين لكي يتصيد له الآخرون أسباباً للعتب...
مثلاً... هناك شخص قطع علاقته مع صديقه لأنه لم يأخذ له علبة شوكولاته عندما وجعه أصبعه وبقي في البيت يومين..!
وهناك أمرأة مسحت 3 صديقات من قائمة أصدقائها على الفيس بوك لأنهن لم يعجبن "لم يضعن علامة لايك" على صورتها الجديدة في الفيس بوك...
وغيرها من المواقف التي قد تضحك البعض فيما لو تردت على مسامعهم... ولكنها في الحقيقة تعتبر واقع موجود فعلياً في حياتنا اليومية...
أما فيما بين الأوساط العقلانية.. فالعتاب لا يعني الترصد لأصطياد التقصير لدى الاصدقاء، لابل لتعزيز العلاقة من خلال المصارحة العفوية عن ما كان يتأمله الفرد من الطرف الآخر بكل محبة، مستعداً لسماع التبريرات الفعلية، مصدّقاً إياها واثقاً بأن التقصير وارداً وليس مقصوداً...
أما العتاب بين الأحبّة، فأيضاً له مذاهبه...
فالرجل الذي يعاتب إمرأته من حبّه لها ورغبة منه في أن تستطيع أن تتفهم متطلبات علاقتها معه (والعكس قد يكون صحيحاً) يعتبر وارداً ومقبولاً من ضمن حدود الأحترام...
أما الذي يتوقف عن العتاب... فقد يكون قد توقف عن الحب أيضاً...
لأن الذي لا يستمع لعتاب المحب، قد لا يكترث بوجوده أو عدم وجوده...
وهنا، يطرح الحب سؤاله: هل أنا موجود أو لا؟
وعندما يتأكد المرء بعدم أهمية مشاعره لدى الطرف الآخر، قد تتغير مشاعره...
وعندما يصدر العقل أوامره ويستجيب القلب بعد منح الفرصة تلو الفرصة، تتلاشى المشاعر الجميلة التي كانت تطالب الطرف الآخر بالمثل.. ويدخل الإهمال الى حيز التطبيق.. ويحل الشتاء على القلوب الباردة.....
لذا علينا مراجعة أنفسنا مراراً، عندما يتوقف الطرف الآخر عن العتاب بمحبة، فهذا قد يكون دليل على أنتهاء المحبة... ولكم وافر المحبة...