كان مستقلاً القطار في رحلة الى أحدى المناطق البعيدة نسبياً..وقبل الوصول الى المنطقة التي كان مزمعاً الذهاب إليها بحوالي عشر دقائق فتح القطار أبوابه لصعود الركاب..
فدخلت فتاة جميلة في ربيع عمرها، وهي تقوم بمحاولة فاشلة في إطالة وسحب تنورتها التي لا تتجاوز بضعة سنتمرات من الطول لكي تستر الجزء العلوي من ساقيها الفارعتين..
فتشتت أنتباه معظم الرجال في تلك المقطورة.
وبدأت معالم الغضب تظهر على وجوه بعض النسوة الجالسات بالقرب من أزواجهن..
والزميلات بدأن بمحاولات فاشلة لجذب نظر زملائهن بتوجيه أسئلة سخيفة وغير مترابطة..
طبعاً عند هذا المنظر سقطت جميع الأقنعة، ومنها المقدّسة أيضاً.. إذ لم يتمالك ولا واحد من الرجال الجالسين في تلك المقطورة من محاولة أختلاس النظر الى تلك الساقين اللتان بدتا وكأنهما مصنوعتان من بلور..
وكان من ضمن الحضور رجل متدين، أحمر لونه ثم أصفر حينما رأى الفتاة عند لحظة دخولها الى المقطورة.. فبدأ بقراءة الأدعية والصلوات على أمل التخلص من شيطان الإغراء..
المهم، لم يفلح الرجل في غض النظر وفشلت جميع الصلوات والأدعية لأن جميع أحاسيسه سجدت في النهاية الى ذلك المنظر العظيم الذي تمجد فيه الخالق الجبار بإبداعه في صقل تلك الساقين.. فأمسى الرجلُ خاشعاً دامعاً العينين ناظراً بحزن وألم الى ما تقشعر له الأبدان من جمال فتان في لحظة أستسلام لم يكن لها مثيل..
المصيبة هي أن الفتاة نفسها كانت تعلم بأنها على وشك تسبيب كارثة إنسانية في القطار.. ولكنها لم تأبه بجميع النظرات...
إلا نظراته هو.. فأبتسمت له.. حينها لاحظ الجميع ذلك.. فنظر إليه جميع الرجال بحقدٍ وغل..
بينما تنفست نساءهن الصعداء إذ علمن بأن الفتاة أختارت هذا الشاب لتبادله الإعجاب بعيداً عن أزواجهن أو أصدقائهن وزملائهن.
طبعاً في حينها شعرَ هذا الشاب وكأنه ربح اللوتو بقيمة مليون دولار.. ولكنه أحتار كيف يتصرف..!
هل يتوجه اليها ويتحدث معها..؟
أم هل يقاوم تلك الإبتسامة التي ربما لن يجد لها مثيل خلال حياته المتبقية.؟
فقام من مكانه وذهب الى مقعد أقرب الى المكان الذي تجلس فيه..
ثم سلم عليها قائلاً: لم أكن أتصور بأنك عرفتي من أكون؟
فقالت: ومن تكون حضرتك؟ (مع أبتسامة رقيقة)
قال: الإنسان الذي أرضى والديه، وبالتالي فاز بدعواتهم وحظي بإبتسامتك..
حينها ضحكت من قلبها
وقالت: يا سلام....؟
ققال: أنا ذاهب الى المنطقة الفلانية، وأنت؟
قالت: أنا أيضاً...
فقال: يا محاسن الصدف.. ماأروع أن تتلاقى الأقدار في القطار ويتغير المسار ويصبح الليل نهار و و و...
فقالت له مبتسمة: على مهلك على مهلك... مالذي جرى لك؟
قال: هل ضايقتك بكلامي؟
قالت: أبداً، ولكني رغبت أن أخبرك بأني مرتبطة بشخص آخر وهو ينتظرني الآن في محطة القطار القادمة...
فسألها: ومالذي جعلك تبتسمين لي؟
فقالت: لأنك الوحيد الذي نظر الى وجهي في حينها، بينما لم تفارق نظرات الآخرين سيقاني... لذلك أنت من رأى أبتسامتي أولاً...
فوقف القطار ونزلت جميلة الجميلات، أما هو فلم يتحرك من مكانه..
وترك القطار يذهب به بعيداً... بعيداً....