العراق ليس بالغريب عندما يطرح هكذا سؤال، فمن المسلم به هو ان العراق عبر التاريخ الذي عاشه اباؤنا واجدادنا واليوم نحن نعيشه لم يكن بحال يحسد عليه، فقد مر بسنوات مريرة عانى اهلها امر الظروف واقساها تبدا من الانظمة القمعية والخوف والتهديد والوعيد وانعدام الحريات وتفرد الحاكم القاسي بقراراته واحكامه العرفية والاتهامات الباطلة والحروب التي زج فيها العراق وليس له (ناقة ولا جمل) والاعداد الكبيرة من الشباب التي راحت ضحية الاستهتار باروح الابرياء من العراقيين، وفترات الحصار الذي انهكت عقولنا وباتت الحياة ﻻطعم لها، واستمر الحال ليكون الارهاب الاقليمي والدولي والفساد الحكومي من ادناه الى اقصاه وشمل مرافق الحياة كافة.
وتدهور الوضع الامني وتصفية العقول وانعدام فرص العمل وكل شيء صحيح بالمفهوم العقلي اصبح في العراق باطل والخطأ هو السائد ولازمتنا هذه الحالة منذ اكثر من نصف قرن وحتى الان.
ليس لي هنا ان اتكلم عن العراق وخيراته الطبعية وعن ارض السواد لخضرتها والاماكن المقدسة ومصادر اخرى لتجعل البلد في المقام الاول للدول الغنية والتي تسطيع ان تمنح السعادة والراحة والامان والحرية والتنقل واحترامها مفروض على جميع الدول لو احسن القائمون عليه النية لخير الجميع.
لكن مع الاسف الشديد جعلوا العراق يسير نحو نفق مظلم لانهاية له من القراءة الحالية للوضع، كل هذه الاسباب واسباب اخرى ﻻتعد وﻻ تحصى دفعت الكثير من العراقيين ان يغادروا العراق بحثا عن ملاذ امن يأويهم ويحميهم.
وﻻغرابة ان تكون هنالك هجرة جماعية للشباب العراقي، لم نشهد مثيلا لها في التاريخ، وﻻتزال تتضاعف كل يوم دون ان تتحرك الارادة السياسية لمعالجة ازمات الشباب، كي تسهم في تخفيض مؤشر الهجرة المتصاعد ولو بنسبة قليلة لتلافي اثارها وتداعياتها الخطيرة.
وعلى الحكومة العراقية ان تكون ملامحها واضحة وغير ضبابية باعتبارها هي المسؤولة عن الحال الذي وصل اليه العراق، وان تعمل باخلاص بعيدا عن الفئوية والحزبية لترتيب اوراقها من جديد واجراء التعديلات الوزارية الصحيحة والمبنية على اساس الكفاءة والمهنية في العمل واختيار المؤهلين لقيادة الوزارات.
وان تعمل بكل جدية لزيادة مصادر الدخل وتشجيع الاستثمار وتوفير فرص العمل والقضاء على البطالة وتوفير الخدمات وتسهيل الحياة امام العراقيين لتكون وسائل كسب واغراء لهم للبقاء والعمل على ديمومة الحياة.
وهنا ايضا يبرز دور الامم المتحدة والمنظمات الدولية بشكل كبير خاصة البنك الدولي والبرنامج الانمائي، حيث يمكنها توفير الدعم المالي بالاضافة الى برامج وخطط لدعم الاسر العراقية وخاصة فئة الشباب التي تعتبر الركيزة الاولى لبناء العراق.