يبين لنا الله سبحانه وتعالى في سورة "الانبياء" البلاء الذي اصاب عبده ورسوله ايوب عليه السلام، وما ابتلاه من الضر في جسده، وولده، وماله، ولم يبق جزء سليم من جسده سوى قلبه، وﻻ شيء يستعين به على مرضه، الا ان زوجتة حفظت وده ﻻيمانها بالله ورسوله، فخلال ثماني عشرة سنة تخدم الناس مقابل الاجرة، وتسهر على زوجها وتطعمه وتخدمه وﻻ تفارقه صباحا ولامساءا الا لخدمة الناس حيث تعود لكي تسهر على راحته، واشتد عليه الامر حتى تضرع الى الله سبحانه وتعالى قائلا (اني مسني الضر وانت ارحم الراحمين) وﻻ غيره المستجاب فكان ارحم الراحمين سبحانه وتعالى فامر ايوب ان يقوم من مقامه، وان يضرب الارض برجله، ففعل بما اومر به، فانبع الله عينا، وامره ان يغتسل منها، وبقدرته وعزته وجلاله فقد اذهب عنه كل مايشكو من علل، ثم امره ان يضرب الارض برجله مرة اخرى بغير موقع، فانبع له عينا اخرى، وامره ان يشرب منها فبامر الله شفي ظاهره وباطنه فتكاملت عافيته واصبح بصحة وعافية خالي من كل اذى. فصبرنا كصبر ايوب فالسنوات التي مرت علينا كانت كالبلاء على اجسادنا والتي انهشت كل صغير وكبير فبعد ايام الحكم التي عانى منها العراقيون وسنوات الحصار العجاف استبشرنا خيرا بنظام تسوده العداله واﻻحترام ﻻرادة العراقيين اجمع وكنا نحلم بان نبني عراقا يكون حافظا لاهله يتمتعون بالنعم التي اكرمنا الله بها، ونعيش بظله ونحتمي به ويكون حالنا كحال الدول التي تنعم بخيرات اوطانهم ولهم مكانه متقدمة بين الامم حاملين اسم بلدانهم تيجانا فوق روؤسهم وتعز عليهم ارضهم متكاتفين في السراء والضراء يبنون ويعمرون ويشار لهم بالبنان والابدع.
وان هذا خلاف مارايناه في العراق حيث اصبح صغيرهم يحكم كبيرهم والجاهل يقود المتعلم والقائد متبوع لغيره واصبحت الوطنية والاخلاص بعيدة عنهم همهم الاكبر ان يحققوا مصالح اكبر واطماعا اكثر ﻻيهم الشعب وما عانى منه خلال سنوات التي مرت به.
فقد صبر العراقيون صبر ايوب فشلت ابدانهم وترملت وسبيت نساءهم واحتلت اوطانهم وحربوا برزقهم وفقدوا اعزائهم وتدهورت احوالهم حتى وصلوا الى نفاذ الصبر، فالحادي والثلاثون يوم ابيض في سفر العراق وكان بمثابة جرس انذار ضد الظلم فخرجت الجموع في بغداد واغلب محافظات العراق معلنة رفضها للاوضاع المتردية في العراق والاداء المتعثر للوزارات وفقدان ابسط الحقوق لديمومة الحياة.
ورفعوا المتظاهر وان شعارات منددة بالوعود الكاذبه والصفقات الوهميه وخاصة قطاع الكهرباء وطالبوا بايجاد الحلول السريعه لحل المشكلات التي يواجهها جميع العراقيين.
اذ ان السبت الماضي يوم الصحوه للجميع ليضعوا حدا للاستغلال بانواعه فقد استغل العراقيون بابشع انواع الاستغلال واصبحوا يعيشون في حالة احباط شديدة، وبات الجميع يبحث عن الخلاص والكل يسعى الى الهروب من الواقع المرير واللجوء الى الدول الاخرى للتامين على حياتهم وحياة عوائلهم وياسوا من الاوضاع المستمرة بالتدهور.
لكن رغم ذلك لايمنعنا من الاصرار على التغير وبعد التوكل على الله فهو ارحم الرحمين ﻻبد ان تاتي الساعة المنتظره لتحقيق الارادة في حياة حرة كريم. وﻻبد للشعب ان يستجيب لقدره ويتجاوز الصعاب وليكون فوق القمم،وماخاب من توكل على الله ونحن اجمع نستبشر خيرا بفرج من الله قريب.