وشائجالحب القوية التي تربط كل واحد منا بارضه وحياتة الخاصة وذكرياته الجميلة واحلامه المؤجلة في وطن ابى الحزن ان يفارقه ولو للحظات لتكون متنفسا لنا لنعيش بتاملات يعلو مداها الى حدود العراق من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه، وﻻ يحلو بعيوننا اي وطن، وﻻ يأوينا بحب اي وطن، الا تلك التربة الطاهرة التي حباها الله سبحانه وتعالى بخيرات كثيرة ونعم ﻻ تعد وﻻ تحصى.
كيف لي ان اترك ارضي وهي ملاذي حين احزن واقصد سيدي ومولاي موسى الكاظم " عليه السلام" حين الحاجة والالم، واتوجة الى كربلاء المقدسة ﻻسكب فيها ماتحمل عيني من دموع وانا في رهبة من امري امام سيدي الحسين والعباس "عليهما السلام" واقصد النجف الاشرف حين ضيقتي ليفرج عني ما احمل من الم وحزن حين اكون بصحن امامي وسيدي علي بن ابي طالب "عليه السلام".
نعم هذه ارضي معفرة بالمسك والعنبر، وتشرفت به ارض العراق لتكون ارضا مقدسة يقصدها القاصي والداني لقضاء حوائجه.
فرغم الماسي الكبيرة التي يعيشها العراقيون منذ زمن بعيد وهذا ما اكدته الاحداث المريرة التي مر بها اجدادنا واباءنا وامهاتنا ولحد الان مازلنا نصارع الزمن واحداثه الأليمة، ولم يخل اي بيت عراقي من اي مصيبة جنت على عزيز من اهل بيته وبقت الذكريات اليمه تناغم القلب وتوعز بأهات مملوءه باعلى درجات الحزن.
ورغم كل مامر به العراقيون ويمرون به الان من حالات ماساوية وصعوبة العيش وتدهور الاوضاع الامنية ،والخوف من المجهول والخوف من مستقبل معتم غير واضح المعالم.
اجبرونا بما في ذلك من قساوة في القرار وصعوبة في اتخاذه ليكون للعراق بديل واه حسرتي من بديل للعراق .
مايبلغ نفسي من قهر كبير جدا حين ارى احبتي واهلي واصدقائي يلملمون الحال ليجدوا بديلا عنك ياوطن، وقبل ايام وانا اراجع دائرة الجوازات في الرصافة وقد انبهرت وتعجبت جدا من الازدحامات وكلها عوائل تتسارع للبصمة والتوقيع على استمارات الجوازات وشدني رجل في منتصف العمر ومعه اطفال صغار يرفع بناته (جنا ، وزهراء ، ومنه) الى اعلى لكي تبصم واعمارهم تتراوح بين ثلاث الى ست سنوات مما زاد فضولي وسالت الاب حيث قلت له "اليوم العائلة كلها بالجوازات "فاجابني بنبرة حزينة جدا وقال " اي نطلع كلنه ونخلص ونخليها للحرامية" .
وقفت وانا اتالم من هذه الكلمات واصبحت اشياء في داخلي تاخذ الاستفهام والتحليل فقلت في نفسي وطن كالعراق يصل باهله الى درجة الاحباط واليأس واصبحوا يتسارعون في سبيل انهاء جوزاتهم بسرعة ليشدوا الرحيل الى تركيا ويكونون في طوابير المهاجرين الى اوربا عبر البحر، غير آبهين بما قد يحصل لهم ولأطفالهم بعرض البحر. ونحن نسمع كل يوم عن غرق الزوارق التي تحمل اعدادا من المهاجرين تفوق طاقتها فتكون نهايتهم اما الوصول او الغرق.
هنا نقف عند حد هذه الماساة المروعة ونتساءل هل هي هجرة منظمة من دول اوربا لافراغ العراق من
اهله وشبابه ليكون حالنا كفلسطين مثلا ،ام هي رسالة من استعمار جديد ﻻرض العراق .
فرغم كل الأرهاصات والتناحرات والتدهور في ابسط مقومات العيش يصعب علينا وداعك ياوطن وانا على يقين تام سوف تهاجرون ايها الاحبة لكن تبقى قلوبكم ومشاعرك وعيونك ترنوا لوطنكم العراق. ويقول الشاعر ابو فراس الحمداني:
(بلادي وان جارت علي عزيزة واهلي ان شحوا علي كرام)