العراق شبح الموت يلاحق العراقيين وحالهم كحال جيرانهم السوريين ،لقد عانوا في اوطانهم ويلات الحرب والقتل والحرق والنهب والتفجير وشغف العيش وحبهم الى الحرية والعيش بأمن وامان وهما مفقودان في بلديهما ،ولهذه الاسباب مجتمعة دفعت الشباب والعائلات بالبحث عن اوطان بديلة تحفظ لهم ارواحهم وارواح ابنائهم ولكي يأمنوا مستقبلا افضل لاولادهم والاولى الابتعاد من شبح الموت الذي خيم عليهم جراء التفجيرات والمفخخات التي طالت الكثير من الابرياء، والموت المتفنن به من عصابات داعش الاجرامية.
وهكذا تبدا رحلة الموت من اوطاننا التي رخصت به ارواحنا وارواح الكثير من الابرياء،حيث تبدا الرحلة من الاراضي العراقية برآ او جوآ وبعدها تبدا رحلة البحث عن مهربين عبر وسطاء او سماسرة مهمتهم ايصال المهاجرين الى السواحل اليونانية عبر بحر الموت (ايجة) دون الاهتمام بسلامتهم او اتخاذ وسائل النجاة في حالة الغرق.
فاصبح التواصل عبر الانترنت مع الاصدقاء والمعارف في تركيا للاتفاق مع المهربين مقابل مبالغ معينة لايصالهم الى الجزر اليونانية، بعد ان قاموا ببيع اغراضهم وسياراتهم وبيوتهم لتوفير المبلغ الكافي ليؤمنوا الوصول الى سواحل اليونان.
وتبدا القوارب المطاطية الصغيرة رحلتها بطاقة تحملية كبيرة تفوق امكانيتها للنقل وتنطلق في عرض البحر لتتكفل الامواج العاتية باغراقهم جميعا. وان عدد الناجين تعد باصابع اليد ويكونوا امام صدمة كبيرة لفقدهم اعزائهم او احبائهم.
وهذه الرحلة المأساوية تنتهي بالم وحسرة والرجوع الى العراق تاركين احلام الهجرة خلف ظهورهم ليستعدوا من جديد لمواجهة الموت الذي يتجول في طرقات بلادهم. ان بطء الاجراءات لمنظمة الهجرة في تركيا وعمان ولبنان (اليو ان )وعدم قدرة اغلب المهاجرين الاستمرار بالانتظار لصعوبة الحياة. ولحاجتهم الى مورد مالي ليسد احتياجاتهم في غربتهم كلها اسباب دفعتهم الى الهجرة غير الشرعية عبر بحر ايجة ويتدفقوا بشكل كبير الى الجزر اليونانية وعبور مقدونية والوصول الى هنكاريا والى النمسا ثم الوصول الى الوطن البديل هذه هي رحلة الموت والمخاطر التي دفعت الالاف الى المجازفة بارواحهم للخلاص من قهرهم في بلدانهم لكن ومع الاسف جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن. وجراء هذه الهجرة اصبحت دول الاتحاد الاوربي تعيش تخبطا كبيرا فيما يتعلق بتدفق اللاجئين. مما دفع احد السياسيين من اليمن المتشدد الى حث الاتحاد الاوربي على الطلب من الصين استيعاب اللاجئين بدﻻ من دول اوربا ،وان المستشارة الالمانية انجيلا ميركل قادرة على استشعار الخطر المحدق في غياب استتراتيجية اوربية موحدة للتعامل مع التدفق الكبير للاجئين ،وعدم القدرة على ضبط الحدود المقدونية لذا فان تدفق اللاجئين لم يعد مجرد ازمة بل هو امر يوصف ب" الكارثة الكبرى"لعدم وجود الحلول الجدية في الدول المنكوبة. وعلينا ان نتذكر ان الهجرة القسرية التي تحصل تحت وطأة الفوضى والحروب وانعدام فرص العمل تأخذ من دول الفوضى خيرة كفاءتها وخبراتها والشواهد على هذه الحقيقة شاخصة في الاختصاصات الطبية والهندسية والعلوم الاخرى للدول المتقدمة وهذه الدول تدرك تماما اي نوع من الخسارة ستواجهه لو ان الاستقرار والامن استتبا في الدول منبع الهجرة ولذلك نجدها توفر لهذه الكفاءات والخبرات كل ما يجعلها تفضل البقاء في المهجر. وان الحد من الهجرة يتم عن طريق الاستقرار والامن والقضاء على الفوضى وان التنمية الاقتصادية كفيلة بتوفير فرص العمل لكل فرد وتحقيق العدالة وحفظ الكرامة وتوفير الحدود المعقولة من الحريات المكفولة بالقانون كلها اسباب لبناء الوطن والمواطن.