نتعطش للشعر حينا وننهل من حلاوته ومرارتة حينا اخر ،عندما تعصرنا مشاعرنا الما ولوعة نكون قد وصنا لاصدق الاحاسيس و للنشوى في المرارة والقهر هكذا هو العراقي تمتزج كل احاسيسه سواء كان في لحظات الفرح او الحزن وحتى في اسعد اللحظات لتكون لوحة شعرية يغلب عليها اﻻمل الحزين. هكذا نحن عشنا ونعيش، أهي الاحداث القاهرة التي مررنا بها هي السبب! ام هي طبيعتنا نحن العراقيون هكذا تكون، اسئلة كثيرة تدور في ذلك الراس المنهك والمتعب من جراء ماحدث ويحدث. سنوات انهلنا منها الكثير وضاعت بين الاحلام والاوهام لتحفر في ذاكرتنا اقسى القصص والذكريات، كنا صغارا نذوب الما وحسرة ونخن لانعرف طعمهما حين نقرا شعر السياب ونمعن في قصيدة انشودة المطر حين يقول فيها:
عيناك غابتا نخيل ساعة السحر
اوشرفتان راح ينائ عنهما القمر
عيناك حين تبسمان تورق الكروم
وترقص الاضواء.. كالاقمار في نهر
يرجه المجداف وهنا ساعة السحر
كأنما تنبض في غوريهما النجوم
وتغرقان في ضباب من اسى شفيف
كالبحر سرح اليدين فوقه المساء
دفء الشتاء فيه وارتعاشة الخريف
والموت والميلاد والظلام والضياء
فتستفيق ملء روحي ،رعشة البكاء
كنشوة الطفل اذا خاف من القمر
هذه صور شعرية امتزح فيها الحزن والامل والخوف لتكون باجمل برواز لتترجم مايدور في دواخل السياب الشاعر العراقي الحزين. وتنبرا الشاعرة نازك الملائكة بكلمات الحزن والغربة والانين لتبدع في تعبيرها الصادق لنذوب في تعابيرها وصورها الحزينة حين نقرا قصيدة (غرباء) تقول فيها:
مرت الساعات كالماضي يغشيها الذبول
كالغد المجهول ﻻادري افجر ام اصيل
مرت الساعات والصمت كاجواء الشتاء
خلته يخلق انفاسي ويطغى في دمائي
خلته ينبس في نفسي يقول
انتما تحت اعاصير المساء
غرباء
نحن من جاء بنا اليوم؟ ومن اين بدأنا
لم يكن يعرفنا الامس رفيقا.. فدعنا
نطفر الذكرى كأن لم تك يوما من صبانا
بعض حب نزق طاف بنا ثم سلانا
قبل ان نفنى وما زلنا كلانا
غرباء
وهذه قامة اخرى ترحل عنا تاركة ارثا شعريا له رنة سحرية كبيرة في تاريخ القصيدة العربية الحديثة.
واليوم نودع بالم وحزن شديدين وببالغ الاسى امير الشعراء عبد الرزاق عبد الواحد، فبعد رحلة وجع مع القصيدة لعقود ارتفعت فيها قامته ليكون في غربتة ومرضه باكورة الم وحنين الى الوطن الجريح الذي لانعرف متى يستريح، تاركا خلفه الشعر الحزين والحلم الاليم وهو العودة لتراب وطنه العراق لكن الموت خطفه سريعا في عليين.
ولد عبد الرزاق عبد الواحد في مدينة العمارة في جنوب العراق وهو زميل بدر شاكر السياب ونازك الملائكة في الدراسة ولهم الدور المهم والبارز في الشعر العربي الحديث.
صدرت له اثنتان واربعون مجموعة شعرية، عشر منها تخص الاطفال.. ومسرحيتان شعريتان.
حصل على الكثير من الاوسمة منها وسام بوشكين في مهرجان الشعر العالمي،درع جامعة كامبرج وشهادة الاستحقاق، مدالية القصيدة الذهبية في مهرجان ستروكا الشعري في يوغوسلافيا، وسام الاس وهو اعلى وسام تمنحه طائفة الصابئة المندائيين للمتميزين من ابنائها الى غير ذلك من الاوسمة الاخرى.
له مجموعات شعرية كثيرة منها انسكلوبيديا الحب، قمر في شواطئ العمارة، في مواسم التعبن، 120 قصيدة حب، ملحمة الصوت، الحر الرياحي، ديوان القصائد، زبيبة والملك.
ومن قصائدة المميزة والتي تعبر عن حبه ومشاعره المرهفه الى بغداد يقول في قصيدته (من لي ببغداد)
دمع لبغداد.. دمع الملايين
من لي ببغداد ابكيها وتبكيني؟
من لي ببغداد ؟.. روحي بعدها يبست
وصوحت بعدها ابهى سناديني
عد بي اليها.. فقير بعدها وجعي
فقيرة احرفي.. خرس دواويني
قد عرش الصمت في بابي ونافذتي
وعشعش الحزن حتى في روازيني
والشعر بغداد، والاوجاع اجمعها
فانظر باي سهام الموت ترميني؟!
هذه الصور الشعرية ماهي الا تعبير صادق للحب الذي يكنه عبد الرزاق عبد الواحد لوطنه العراق ولولا هذا الحزن الذي طغى على قوافي الشعر لقامات العراق الشامخات لما خلد ها الزمن وماحفرت بشغاف قلوبنا. رحم الله كل العراقيين ونستودعهم امانة عند العلي القدير وان يعفو عنا وعنهم ويسكن موتانا في عليين اللهم امين. انتهى