يقضي مبدأ المشروعية بتوافق التصرفات التي تصدر من سلطات الدولة ومواطنيها مع قواعد القانون واحكامه، ولذلك، فأن هذا المبدأ يمثل أهم الضمانات الأساسية لحقوق وحريات الشعوب والأفراد إذ ينبغي بمقتضاه ان تخضع الدولة بكل هيئاتها وسلطاتها لحكم القانون سواء كان ذلك في الظروف العادية أو الاستثنائية .ان الضمانة الدستورية القائلة بعدم صدور أي قانون يتعارض مع الدين الإسلامي قد تحصن الحشد الشعبي كونه يمثل استجابة للمرجعية العليا للغالبية الإسلامية التي دعتها الضرورة الوطنية لإصدار فتوى بالجهاد الكفائي، والجهاد الكفائي محدود في الزمان والمكان وكذلك في الحجم، وكان على البرلمان (اللجنة القانونية) طلب توضيح من المرجعية لهذه الفتوى، خصوصاً وقد تبعت هذه الفتوى مجموعة من اللوائح والتي تكفل مجلس الوزراء بإصدارها وكذلك الكثير من القرارات المتعلقة بهذا الحشد.
ولكن أي قرار يعتبر الحشد الشعبي من مؤسسات القوات المسلحة يُعمق اللغط الدستوري الناشئ من وجود هذه القوة العسكرية (وسبق لي ان قدمت بحثاً بهذا الخصوص إلى اللجنة القانونية ونشرت قسماً منه في جريدة بانوراما) فالاستناد إلى الفقرة القائلة بعدم تشريع أي قانون يتعارض مع الشريعة الإسلامية، تعادله الفقرة التالية والقائلة بعدم تشريع أي قانون يتعارض مع الديمقراطية، هذا من ناحية اللغط الدستوري في تأسيس الحشد الشعبي الذي انزاحت تسميته من الجهاد الكفائي وهو عمل تطوعي ينبغي تحديد زمانه ومكانه وحجمه وجهة ادارته، خصوصاً وأن الدستور يمنع وجود قوات عسكرية خارج الجيش الوطني.
الغريب في ديمقراطيتنا ان الاعتراضات تأتي من خارج السياق القانوني، في الوقت الذي تقوم فيه النظم الديمقراطية على إخضاع الدولة ومؤسساتها والأحزاب العاملة فيها والمواطن للقانون، وقضية مثل قضية الحشد الشعبي لا يمكن حلها برسالة من السيد الصدر إلى رئيس الحكومة. والأخير وكي لا تحشره الرسالة في الزاوية يقوم بإحالة أمرها إلى المرجعية، في الوقت الذي كان بإمكان التيار الصدري في البرلمان تقديم قراءة قانونية للحشد الشعبي وتقديم استناداته الدستورية في مقترح حل هذا الحشد.