لم يحدث ان تعاطفت مع أي زعيم لحزب الوطنيين فأنا من ال نحن الذين كل تعاطفهم مع حزب العمال وهو تعاطف يبتعد قليلاً عن العقلانية خصوصاً لجهة تقييم الأداء الحكومي والكيفية التي يدير فيها هذا الحزب أو ذاك الأزمات، على كل حال تعاطفنا مع حزب العمال سببه الأساس الموقف التاريخي لهذا الحزب من استراليا البيضاء وارتباطه الحيوي بنقابات العمال وموقفه من الهجرة وتعاطفه مع الخلفيات الثقافية غير الأنكلوسكسونية ودفاعه عن التعددية الثقافية.
في الإشكالية الدستورية المتعلقة بازدواجية الجنسية والتي تعرض لها زعيم الوطنيين ونائب رئيس الوزراء برناي جويس وجدتني متعاطفاً معه رغم ادراكي بأن المادة 44 من الدستور الأسترالي واضحة بعدم سماحها لأصحاب الجنسية المزدوجة بعضوية البرلمان ورغم تقديري بأن رجلاً مثل جويس لا بد وأنه يعرف قانون الجنسية النيوزلندي الذي يمنح الجنسية تلقائياً للمولودين خارج نيوزلندا لأب نيوزلندي، ورغم ذلك وجدتني متعاطفاً والسبب في تعاطفي يعود إلى أن هذا الرجل المعروف بطول اللسان وقوة المحاججة في المناقشات البرلمانية ظهر هذه المرة على غير ذلك فقد غمر ملامحه الحياء نعم الحياء وأقول الحياء لأنه نعمة من فيها الله على الإنسان كي يتحصن من الوحشية والغباء القيري وانعدام الحس.
لم يسرق الرجل من المال العام ولم يشتر أنصاراً بالولائم ولم يقم بالسطو على ممتلكات ثقافية للآخرين ولم يقم حفلاً من صدقات حكومية تافهة ولم يلجأ إلى تهميش جماعة أو فرد وربما لم يكن يعلم بأنه نيوزلندي الجنسية ورغم ذلك غمر وجهه الحياء نعم الحياء لأن الأصالة نبتة الله في الإنسان ولا يمكن أن تموت في أعماق الأصيل.
ما ذا لو قارنا هذا الحياء الوفير مع انعدامه عند هذه المشعوطة بولين هانسن والتي خلا وجهها وعقلها من كل ما يحيلك إلى التوازن العقلي المشروط توفره عند السياسيين، وماذا سيقول رئيس الوزراء عن القيم الأسترالية التي يطالب المهاجرين الجدد بهضمها لماذا لا يطالب هانسن بالعمل بها، وماذا يقول مجلس الشيوخ لو جاءت هذه المشعوطة عارية في واحدة من جلسات المجلس القادمة في محاولة تغيض بها الديانات الابراهيمية كلها وليس الإسلام فقط .
إساءة هانسن للمسلمين كانت أحسن هدية من أعماق عنصرية إلى أعماق الإرهابيين ففي أعماقهم تتنفس هانسن وأشباه هانسن..