حين نكتب عن العملية السياسية نحن لا نكتب عن الأساطير ونسعى لفك رموزها، بل نكتب عن مسيرة لقوارض تم جمعها بدراية الغرف الأمريكية والإقليمية وتم بسط نفوذها على بلد هو العراق وشعبه الذي كان مُعتقلاً قرابة الأربعين عاما.
قامت هذه القوارض بالنهش ومازالت تنهش ممتلكات الشعب، ولا يهمها ما يُكتب وما نكتب، كل ما يهمها المزيد من ممارسة القرض واستمرارها في هذا الازدهار الوضيع.
ما كان مسعود برزاني في يوم ما أكثر حرصاً على حياة ومستقبل الشعب الكوردي من مثقفين حملوا السلاح مع الشعب الكوردي ودافعوا عن حقه في الوجود كبقية شعوب الأرض، بل كل همه توسيع إقطاعية القوارض الراهنة وإذا حدث الخراب فمسالك النجاة الرخيص مؤمنة له ولعائلته وشواهد التاريخ لا تحتاج إلى إعادة تفسير، تقابل مسعود وتعينه في غيه وغلوائه قوارض المركز الاتحادي حيث تحولت بغداد عاصمة الثقافة والفنون إلى مكب للنفايات وحيث يزداد نشاط القوارض بكل فصائلها كلما تراكمت هذه النفايات وكلما استمر النفط بالتدفق والدم العراقي بالجريان.
قلنا أن العراقيين كشعب خير ظهير للشعب الكوردي فهو الشعب الوحيد في المنطقة الذي أنجز أرقى وأنقى أشكال التحالف مع الشعب الكوردي في مواجهة الدكتاتورية، المركز الاتحادي ينظر بعين شاهنشاهية ومنطق حوزوي إلى هذا التحالف ومسعود برزاني يفسره بالضعف الذي لابد من استثماره إلى أقصاه فكانت النتيجة هذا الحراك الخطير وهذا التحديد لموعد استفتاء من شأنه ليس تقسيم العراق فحسب بل أكسدة الدم العراقي وتدمير ما تبقى من البلاد.
القوارض لا تقرأ ما نكتب ولا تصغي إلى ما نقول، ولكن إذا تحدث روحاني فلا تكاد تسمع لها حراكاً، وهكذا حالها إذا قال أوردغان، لم تنفع كل كتاباتنا بثني مسعود عن بهلوانية الاستفتاء فلم يسمع، وكم قلنا للمركز بأن تسمية مناطق عراقية ب"المتنازع عليها" مجرد أفخاخ يُراد منها استمرار الفتنة بالتنفس وإشاعة عدم الاستقرار في البلاد وعند سكان هذه المناطق الآمنين، وكم وكم وكم كأننا ننفخ في رماد. ها هو البيت الأبيض الصانع الأمهر قد تكلم وبلغة قريبة للحسم قال- على مسعود البارزاني إلغاء الاستفتاء والتوجه نحو حوار جدي وعميق مع بغداد، فهل سيجرؤ مسعود على عدم طاعة الرب الأمريكي؟؟..لا نعتقد ذلك.