انتهيت لتوي من كتاب إرث من الرماد لمؤلفه الأمريكي "تيم واينر" والكتاب الذي إتسع رغم الإيجاز الواضح ل 900 صفحة من القطع الكبير، ويعالج الكتاب تاريخ السي آي أيه الأمريكية مستنداً إلى الآلاف من المستندات والوقائع والمخططات، وتيم واينر المؤلف مراسل نيويورك والذي تقوم شهرته على تخصصه في الأمن الدولي وقربه من السي آي أيه كمحاضر فيها.
كتاب يصيب القارئ بالغثيان لهول الفظاعة التي تقوم عليها السياسة الأمريكية ورأس حربتها السي آي أيه، فهذه السياسة ووفقاً للوثائق التي نشرها الكتاب تقوم على الالتفاف على المبادئ المعلنة للسياسة الأمريكية والتي يكاد يرددها القارئ عن ظهر قلب، الحرية، العالم الحر، حقوق الإنسان، الديمقراطية، وكأن فلادمير لينين قد تأكد صواب رأيه بان الانتخابات الأمريكية هي عبارة عن اختيار جلاد جديد ولا شيء غير ذلك.
لا قيمة للحرية إذا تعارضت مع مصالح وأمن الإدارة الأمريكية وأقول الإدارة لأن الشعب في خارطة الوثائق يأتي ذكره في الأزمات فقط، وهكذا تكون الدكتاتورية في أي دولة أقرب إلى أمريكا إذا نفذت مصالح الولايات المتحدة، وهكذا جاءت السي آي أيه فانقلبت على حكومة مصدق في ايران وساندت صدام حسين وأطاحت بحكومة تشيلي الديمقراطية لتنصب بينوشيت دكتاتاوراً عسكرياً ، ولا قيمة لحقوق الإنسان وعليك فقط مراجعة ضحايا الشعوب في الكوريتين وفيتنام وبنما والصومال والعراق وفلسطين و و والكثير الذي تزف عدد ضحاياه صفحات الكتاب، أما العالم الحر فالانتماء إليه لا يتطلب غير رئيس دولة يتقاضى مرتبه من السي آي أيه ويقوم بصفقات دموية ناجحة مثل حسين حبري في موريتانيا أو تاجر الكوكايين والدم دكتاتور بنما. أما الديمقراطية فيصبح ضحاياها الأكثر في الخارطة الأحياء منهم والاموات وخير دليل على ذلك الحالة العراقية حيث جاءت الديمقراطية وفقاً لرغبات السي آي أيه بمعنى أكثر وضوحاً جاءت بمن تسميهم الأكثر إخلاصاً للولايات المتحدة الأمريكية وهم بإيجاز، اللصوص الذين لا يتاوانون عن سرقة بيوتهم، القتلة الذين لا يترددون عن سفك الدم إذا تهددت مصالحهم، وكل الذين لا تعنيهم الوطنية سوى أنها مركبة لوصولهم إلى السلطة، هؤلاء هم حكام العراق ويحق لموظف السي آي أيه أن يقهقه وهو يشاهد مواكب اللطم فيسأل على ماذا يلطمون؟
على الحسين، وهل قتلته القوات الأمريكية؟
لا يزيد بن معاوية، فقهقه الموظف عالياً الحمد للرب لم تكن لدينا معلومات للدفاع عنه..