يصل الزورق المرهق الى الشواطئ اليونانية، ويسرع رجال الإنقاذ الطيبون لمساعدة الوافدين الجدد الهاربين من جحيم الشرق، وبينما ينزل الرجال والشبان الى الشاطئ تبقى النسوة والصغار والضعاف ليتلقوا مساعدة رجال الإنقاذ فيقول اليوناني بحمل المرأة الى الشاطئ دون إنتظار موافقة الزوج المرهق..
يتساءل صديقي عن موقف الرجل الشرقي فيما لو حاول يوناني حمل تلك المرأة في بلاد الشرق، وكيف سيكون نوع الإنفجار، كذلك المصافحة وطريقة التعامل خارج إطار الشريعة الإسلامية التي يتباهى بها الشرقيون والمسلمون خاصة ومنهم العرب الأقحاح؟
صديقتها تعمل في مركز لتدريب المهاجرين الجدد الواصلين الى هولندا، يقوم المركز بتأهيل الوافدين، ويتم تعليمهم على الكيفية التي يعيشون من خلالها في مجتمع مختلف، كيف يمكن خفض الصوت؟ فالأوربيون لايتحدثون بأصوات عالية كالشرقيين خاصة في وسائل النقل العام، هم لايضربون الأطفال كما نفعل وبالتالي يجب إحترام القوانين الخاصة برعاية الأطفال وإحترام الزوجات، وليس من الصحيح النظر الى الفتيات العاريات إنهن سيئات فهي في النهاية تقاليد مجتمع حر لاينظر الى سلوك الناس وعاداتهم ولايتعامل معهم وفق نوع اللباس وقصر الثوب، أو طوله، بل بحسب معايير قانونية وأخلاقية متوارثة ومتفق عليها ومصانة بدستور عريق وإنضباط عال.
يقول أحدهم، أنا لاأخاف من الرجل الأوربي، فأحضانه باردة على أية حال، أنا أخاف فقط من الرجل الشرقي فحضنه حار، وهو متوهج جنسيا، وهو عذر أقبح من ذنب كما يقال، هو نفاق ديني ومجتمعي، فما تؤمن به هنا يجب أن تؤمن به هناك، وليس من المنطق أن يكون الدين متغيرا بطريقة عجائبية فيجيز لك أن تشرب الخمر في فرنسا ويحرمه عليك في مصر، والدين واحد أين كان، وتجد أن الأوربيين بدأوا يحترمون كثيرا عادات وثقافات الشعوب، وصاروا لايقدمون المشروبات الكحولية في الأماكن التي يتواجد فيها مسلمون إحتراما لهم وتقديرا لحضورهم وخاصة مع تزايد أعدادهم في أوربا حيث أصبحوا أقليات مؤثرة في صناعة التغيير والتأثير حتى في الإنتخابات حتى التي تجري في الدول الأوربية.
يبدو أن تطبيق بعض الشريعة هنا سهل للغاية لأن المجتمع العربي يدين بالإسلام، وليس من الصعب المرور الى زواياه وعقول مواطنيه وتطبيق بعض موارد الشريعة عليه وحمله عليها بالقوة والعنف المنظم، فواحدة من أسباب نشوب معركة في مدينة الفلوجة العراقية، إن إمرأة من المدينة كانت في السوق ورآها رجال الحسبة في التنظيم وكفيها مكشوفين فسبوها ورد عليهم مواطنون وتقاتلوا معهم بالحراب والسكاكين، وقد ذكر لي أحد المواطنين العراقيين أنه يعيش في قرية شمال شرق بغداد سيطر عليها داعش وكانوا يحرمون علينا تدخين السجائر، لكننا كان ننظر إليهم وهم يتخفون عنا ويدخنون في مجالسهم الخاصة أنواعا فاخرة منها.
النفاق الديني على أشده، ومن يوافق على فعل شئ لايؤمن به في أوربا يعني أنه إستسلم لحاجاته الخاصة ومصلحته الشخصية على حساب دينه..
أنا أقدر أحيانا ذلك بسبب الظروف المحيطة بالمهاجرين المساكين وقلة الحيلة التي تحيط بوجودهم، ولكن كثر غيري ممن يرون في ذلك نفاقا لايفضلون السكوت، ويرغبون بشئ من النقد اللاذع.