يصف الله في كتابه المقدس حال الذين يأكلون أموال اليتامى بأنهم كمن يأكل نارا في بطنه ويصلى السعير.
واليتيم عندنا هو فاقد الأب الذي لايجد حاميا لماله الذي تركه له أبوه فيتسلط عليه قريب، أو بعيد لسبب ما، ويستولي عليه ويحرمه منه غصبا، أو بالحلية والخديعة.
صرت أرى في تفسير الآية وليس من باب التفسير بل من باب الإستئناس بالقرآن الكريم ومعانيه الدقيقة والرائقة إن الأمم والشعوب يمكن أن تكون كحال اليتيم يأكل ماله سياسي فاسد أومرتش أومسؤول رفيع يتسلط فيسرح ويمرح ويخدع ويلعب بالطريقة التي يريد كما هو الحال مع الشعوب العربية التي تنمر حكامها فجعلوا منها مجرد مجموعات بشرية مستعبدة لاحول لها ولاقوة ولاقدرة على الإعتراض والرفض، وماعليها سوى أن تستسلم وتطيع وتفوض أمرها الى الله الذي يتوعد آكلي السحت والمسيطرين على أموالها وممتلكاتها بأنهم في السعير وأنهم إنما يأكلون النار يوم القيامة.
الشعوب كاليتيم في بلداننا العربية والحكام والمسؤولين الفاسدين وأصحاب المناصب من نواب في البرلمان ووزراء ومدراء وتجار ومتنفذين إنما هم كذاك الذي يستولي على مال اليتم بالغصب والإكراه والخديعة ويتركه نهبا للحرمان.
فالشعوب العربية تعيش حال الحرمان بطريقة مذلة، ولاتستطيع أن تواجه وتمنع المفسدين من مواصلة فسادهم ونهبهم، فلايعود من حول ولاقوة إلا بالله الذي يمهل ولايهمل، وهو المنتقم الجبار.
قد فعل ذلك مرات ومرات حين قلب الأمور على الحكام والسياسيين المتجبرين وجعلهم سخرية للناس وأخزاهم في الدنيا والآخرة، ولسنا بحاجة لتعداد الأمثلة فهي كثيرة في عالمنا العربي وتكاد لاتنتهي.
من هذه الشعوب الشعب العراقي المسكين الذي سلط عليه حفنة من المرتزقة اللصوص الذين كانوا يسرحون ويمرحون بحجة الدفاع عن حقوق الشعب في مواجهة نظام دكتاتوري بغيض في حقيقتهم كانوا مجرد أشخاص معارضين، لكنهم باحثين عن مصالحهم الشخصية، وحين سيطروا على الحكم تركوا كل تلك البرامج والآليات والخطط وإنشغلوا بترتيب أمورهم ونهب المال العام وتخزين الأموال وجمعها وتحويلها الى الخارج والإستسمتاع بها مع أسرهم المترفة، وتركوا الشعب الى الضياع، ودمروا البنى التحتية، وعطلوا زخم الحياة، وظهروا كأشخاص متواطئين لاذمة لهم، ولاضمير، ولاشرف، ولادين، ولاأخلاق، ولامبادئ.
الشعب العراقي شعب يتيم عاجز والذين يأكلون أمواله إنما يأكلون في بطونهم نارا، وسيصلون سعيرا.