على كل حال فالرجل يحتفظ ببعض النوايا الطيبة لكنه لايمتلك القدرة على الفعل فهو متحالف مع بعض القوى الفاسدة في البرلمان والحكومة، بالطبع هو لايتبع سياسة ضرب المفسدين بالمفسدين، لأنه ضرب مفسدين لحساب مفسدين آخرين، هو يعاني من بعض المفسدين المنافسين له، وأراد التخلص منهم فتحالف مع مفسدين آخرين، وقد يدخل معهم في صراع غير متوقع، وهولاء مايزالون يستحوذون على الأموال والمناصب والمبان والمقار التي يرفضون التخلي عنها، ويكرسون مبدأ القدسية على قياداتهم السياسية ويرفضون أي تحرك حكومي للتعامل معهم كما يجري التعامل مع بقية المفسدين.
العبادي يقف بين شخصين فاسدين، لكنه يكره أحدهما، وهو لايحب الآخر، وعليه أن يتخلص من الشخص الذي يكرهه، ولهذا فقد قرر التحالف مع الشخص الذي لايكرهه، وهو لايحبه على أية حال، لكنه يطبق فكرة أهون الشرين، وهو ماأدى به الى أن يكون مكشوفا لمنتقديه ومناوئيه الذين بدأوا بطرح أسئلة كبيرة لم يكونوا يجرأون عليها أول الأمر عندما كان الشعب هائجا مائجا ضدهم.
لكنهم تشجعوا بعد أن أدركوا إن الشعب أخذ يعرف رويدا إن العبادي غير جاد في إصلاحاته وإنه يستهدف طرفا دون آخر، وصار يتخبط في سياساته التي يتبعها لإصلاح الأمور ليس لأنه لايريد فقط، بل لعجزه الفاضح، فهو محاط بالمفسدين من القوى السياسية الفاعلة والمنتفعة، عدا عن الإرباك الذي أصاب موقفه نتيجة العلاقة السيئة بالحشد الشعبي، ونوع العلاقة مع الأمريكيين وهي علاقة ممالاة وموافقة غير مرغوبة من القوى السياسية الشيعية.
العبادي يرفض تقديم الدعم الكامل للحشد الشعبي، وقد كشف قياديون في الحشد عن مواقف سلبية من قبل الحكومة لجهة التمويل والدعم اللوجستي والإعلامي، وأكد ذلك موقف المرجعية الدينية في النجف التي حثت الحكومة لتسرع من وتيرة دعمها للحشد بالسبل الممكنة وعدم التقصير في ذلك لأن من شأن التقصير أن يحدث خللا في الأداء، ويضعف من قدرة الحشد على مواجهة الإرهابيين والتكفيريين الذين يتربصون بالبلاد وينتظرون الفرص التي قد تسنح ليحققوا بعض من مآربهم الخبيثة لتدمير الدولة وإضعافها والسيطرة عليها
.بدعم خارجي مباشر ومكشوف.
العبادي يرفض تدخل الروس لضرب داعش وهو مطلب أمريكي، والعبادي لايقدم الدعم للحشد الشعبي وهو شرط أمريكي أيضا، وهو في كل ذلك سيواجه قيادات الحشد، وسيواجه المرجعية التي تطالبه بتقديم ذلك الدعم، ولأن الحشد الشعبي يمثل جزءا من المنظومة التي تواجه تحديا في الإقليم ويراد وقف نشاطه وحضوره الميداني.
ولأن العبادي يمثل إستراتيجية أمريكية بعيدة المدى تتمثل بدعم الجيش ووزارة الدفاع فإنه يتأخر في دعم الحشد لكن الإستراتيجية الأمريكية بعيدة المدى لو أتبعت لكان من الصعب ضمان المستقبل فهي إستراتيجية باردة في مواجهة بركان داعش الذي يتقدم من جهات عدة.
العبادي يرسم نهايته بيده.