لايوجد تعقيد في الموضوع، وببساطة فالغربيون يتقدمون على الدوام وهو تقدم سيستمر معهم الى مالانهاية لأنهم امسكوا بأسبابه سواء كانت الأسباب غيبية، أو تلك المرتبطة بالسلوك البشري البعيد عن العقائد والغيبيات.
هم يهتمون بالإنسان لابالأديان، والإنسان أكبر وأعظم من الدين، وعندما تهتم بالإنسان فإنك تهتم بالقوانين التي ترعاه وتضمن له حياة كريمة، وبالتالي ستطبق الدين على الأرض لأن الدين مجموعة من القوانين والقيم الراعية للإنسان، ونحن نهتم بالأديان على حساب الإنسان فحولنا الخادم الى مخدوم وصرنا نحمل الجمل على ظهورنا بدلا من أن نركبه.
والقرآن يقول:
”والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق مالاتعلمون...“
الغربيون يعملون وفق قوانين بشرية، وفي الغالب فإن التشريعات السماوية تأتي لترسيخ المفاهيم البشرية للحياة والقوانين الوضعية، أو الطبيعية وتلك التي تعودها الناس كالأخلاق العامة ومنها الأمانة ومجمل القيم الإنسانية المساعدة على تكوين المجتمعات وبنائها.
فالقرآن لم يأت بما لايفهمه البشر، وجميع الكتب السماوية تركز على الأمانة والصدق ونبذ النفاق والكذب والخيانة، وهي قيم بشرية لاتختص بجماعة ولابعرق ولابدين، فليس من فضل يدعيه المسلمون على مخالفيهم من أتباع الديانات الأخرى، وكما قال أحد الشيوخ المسلمين حين زار القارة الأوربية، وجدت الإسلام ولم أجد المسلمين، بينما عندنا يوجد مسلمون ولكن لايوجد إسلام.
فما أكثر أدعياء الدين من علماء ومتفقهين ودعاة ومن ذوي اللحى الطويلة والثياب القصيرة والخواتم الثمينة التي يستحب وضعها في اليد اليمنى تيمنا بالسابقين من الصالحين ولكن دون تطبيق لتلك القيم على الأرض.
نركز نحن على تطبيق الدين، وهذا خطأ جسيم، فالدين علاقة روحية مع الله وهو مجموعة قوانين سماوية متصلة بالأرض وليست منفصلة عنها لأنها وضعت لأجل من يسكن الأرض من البشر ومن يشاركهم في الحياة كالحيوانات والزروع، والطبيعة.
ولابد من البحث في الكيفية التي نحمل الناس فيها على إحترام القانون العام والإلتزام به والرضوخ له حتى لو كان ذلك يتطلب مانسميه بإرهاب الدولة.
وفي النهاية لافرق بين الدين والقانون لكننا نجعل من الدين سلطة ومن القانون مسخرة.
الدين لايعتني بالإنسان فقط بل بمن حوله أيضا، ويرفض إيذاء الحيوانات ويدعو الى رعايتها، والنبي العظيم محمد يقول، من كان بيده غرسة وقد نادى المنادي ليقوم الناس الى ربهم يوم القيامة فليغرسها، وتحدث عن إمرأة دخلت النار بسبب قطة حبستها فلاهي أطعمتها ولاهي تركتها تأكل من حشاش الأرض.
الغربيون نجحوا وسيستمرون في النجاح لأنهم يركزون على القوانين التي يدعو الدين الى تطبيقها، ونحن فشلنا وسيستمر الفشل معنا لأننا ركزنا على الدين كمعتقد وممارسات وطقوس، وتجاهلنا أنه دعوة الى الصلاح، ولم نلتزم بما دعا إليه.
فنحن من أكثر الأمم كذبا وخيانة ونفاقا ودجلا وقتلا وذبحا وسلخا وعداوة وحقدا وضغينة على بعض، نفعل كل مايحرمه الدين وندعي الإلتزام بذلك الدين..
نحن نحمل الجمل على رؤوسنا بينما خلق الله الجمل لنركبه.