ليس هنالك انسان منصف في الشرق او الغرب ينكر على شعبنا الكردي معاناته ونضاله الطويل من اجل انتزاع حريته عبر عهود الطغيان السياسي على مدى اكثر من قرن عاصف بالاحداث والمتغيرات. لقد عاش المواطن العراقي حماد ومخلف وعباس وجخيور وكاكه حمه وروزكار وكوركيس سوية على مدى عصور وتذوق الجميع مرارة التعسف والحرمان والظلم وكان للاكراد من ذلك حصة مضاعفة جعلتهم حتى اليوم يفقدون الثقة بحكومة بغداد حتى لو حكمها الانبياء ،فهذا شعور متوارث من سنوات الضيم وزادها اليوم فشل ساسة وقادة هذا الزمان (كردهم وعربهم والشركاء الاخرين) في بناء تجربة ديمقراطية حقيقية تجذب مكونات الوطن وتوحد جغرافيته وتاريخه الطويل وثقافته المتعددة في وحدة اتحادية نموذجية يتفاخر فيها المواطن وتنعم في ظلها كل الاطياف بالامن والاستقرار وبالكرامة والحرية والرفاهية، لكن المحاصصة اللعينة سلطت على الناس اسوء من يدعي تمثيلهم والتحدث باسمهم حتى افتضح الامر وانكشفت الحقيقة التي اصبحت ساطعة مثل الشمس هو سعيهم المحموم لتحقيق مصالحهم الشخصية المغلفة بشعارات القومية والدين والطائفية والديمقراطية وقادت هذه الصراعات سفينة الوطن للمجهول بعد ان فقد الربان البوصلة وضيع الميزان. ان المواطن العراقي بكل تسمياته مواطن بسيط يحلم برغيف الخبز النظيف والاستقرار والحد الادنى من الحرية ونظام حكم رشيد يحل مشاكله الخارجية بالدبلوماسية بدلا من الحروب وينهي الاعتراضات الداخلية بالحوار والتفاهم وليس بقمع المخابرات والاجهزة الامنية ويتم تداول السلطة سلميا وليس بالوراثة والتمسك بالمنصب بكل وسائل البطش والتزوير والكذب والتضليل. هذا مايريده جبار وكاكه حمه وكوكيس وحسنة وشيومن وفيان وسوزان وهي مطاليب بسيطة ومتواضعة اقتنع بها المواطن بعد ان اتعبته الحروب واستنزفته الشعارات وعسل الوعود ودفع فاتورة عراقيته بالدم في كل يوم بل في كل ثانية حتى اعتقد اكبر شعراء العراق وتفاخر بان هذا الوطن تشيده الجماجم والدم فما ابشع هذه الصورة...!
وما احوجنا لوطن تشيده الالوان والزهور والموسيقى وتغرد فيه البلال بدلا من ازيز الرصاص وصوت القنابل والمفخخات. ونريد الحوار سلما للعقيدة وتبادل الافكار بدلا من المشانق. لم يتسن لهذا الشعب ان يقول كلمته مباشرة من عصر فجر السلالات مرورا بحمورابي حتى عصر سليم الجبوري والعبادي ومعصوم (في السلم او الحرب) عبر بيانات او استفتاءات في قضاياه المصيرية وكان في كل مرة هنالك من يتحدث باسمه ونيابة عنه وتطبل لذلك وسائل اعلام ماجورة ومنظمات مابونة حتى عدنا لانصدق بنتائج الاستفتاءات والانتخابات وتصريحات المتقاتلين على السلطة. لنترك لشعبنا الكردي وليس للاحزاب وقياداتها الابدية حرية الاختيار بدون ضغوط ووسائل تضليل تقرير مصيره بالاستقلال في دولة كردستان او الاستمرار في دولة اتحادية عادلة قوية فهذا حق مكفول شرط ان يتم استنادا للدستور وبطرق ودية وليس باساليب المغالبة للتمدد الجغرافي والفصل العنصري ويجب ان يتم ميلاد هذه الدولة في ظروف داخلية واقليمية ودولية مناسبة بغير ذلك ستؤدي الخطوات غير المحسوبة بذكاء لكارثة ومغامرة وانتحار سياسي ومجازفة بحياة ملايين البشر ويكفيهم ما مر عليهم من فصول عذاب يضرب فيها المثل وتتجنبه القيادات الحكيمة. نعم لو توفرت الشروط الموضوعية للاستقلال والقناعة الشعبية وليس الحزبية والعقلية التعصبية لحققنا الراحة للاقليم والاستقرار للحكومة المركزية فهذا الصراع اشد مرارة في ظل ساسة المحاصصة من صراع (العمة والجنة) ولا حل الا بالفصل بين الطرفين وديا وليس برسم الحدود بمنطق الدم السخيف لانه سيدمر الاقليم والمركز وتتقسم البلاد لولايات تحت رحمة اردوكان وال سعود وايران والعم اترامب الذي يطالب بثمن غزو العراق وسيطالب الطرفين بثمن استقلال كردستان فمن سيدفع الفاتورة والخزينة خاوية وحركة الانتاج في خبر كان والاستقرار تحت رحمة حروف الجر..؟ والله يعلم ماذا يخبىء لنا الجار والصديق ودواعش السياسة بعد اعلان نتائج الاستفتاء ونستعين بالله وحكمة ماتبقى من عقلاء في المركز والاقليم لانقاذ الموقف.
فالشعوب مغلوب على امرها وكاكه حمه وجخيور لاتعنيه هذه الامور يريد ان يعيش يومه ويربي عياله...!