تسعى شعوب الارض ومن بينها شعبنا العراقي المغلوب على امره عبر كل العصور والانظمة المتعاقبة دون فائدة ترسيخ مفهوم الدولة المدنية التي ترتكز على فلسفة المواطنة واحترام القانون وتطبيقه على الجميع بدون تمايز مهما كانت المبررات.. هذا هو المطلوب لكن ما يتم اثباته وممارسته في الشارع العراقي يجري عكس ذلك تماما..!
ان فساد الطبقة السياسية انتج طبقة متسلطة تشعر بانها فوق القانون واعلى درجة من بقية البشر، ولذا فهي تتصرف وتتعامل مع اجهزة الدولة كافة بهذا المنطق التعسفي تاكيدا لتمتعها باستحقاقات المظلومية وتبعات التضحية، ولهذا فهي تستحوذ على المناصب العليا وحتى الدنيا في الرئاسات والوزارات والسفارات ولو كان بمقدورها ان تتحاصص جنات الخلد والفردوس في جنات الله الموعودة لفعلوها واصبحوا من سكان المنطقة الخضراء في الدنيا وجنات النعيم في الاخرة وتركوا المناطق الحمر ومساكن جهنم للفقراء والعلماء والشرفاء الذين يرفضون ان يلعبوا دور البوق في حاشية الرذيلة، لقد تقاسموا الثروة وهيمنوا على اقتصار البلد وشوهوا معالم العاصمة والمدن الاخرة بابتلاعهم لاراضي الدولة وتحويلها لمولات وكافتريات لتعاطي الرذيلة بدلا من المصانع والمزارع المنتجة.
اثار انتباهنا في الاونة الاخيرة خنوع العديد من رجال المرور لارادة هذه الطواويس وهي تعبث بانظمة المرور ةرغبتها بالتظاهر والتفاخر بانها فوق القانون تفتح لها الطرق المسدودة ويسمح لها السير بعكس الاتجاه ليس لتنفيذ مهمة مستعجلة بل للتباهي، وليس غريبا ان يقوم اصحاب هذه السيارات الفخمة واغلبها مظللة باقامة علاقات مع عناصر نقاط المرور والسيطرات مقابل اكراميات تجعلهم يفتحون لهم الطرق ويغلقونها بوجه عامة الناس ومعها ابتسامات عريضة واذا كانت الاكراميات دسمة يصاحبها تحيات وتلويحات التعظيم والتمجيد لارهاب الناس..
وهذا مظهر بسيط يتكرر في كل الاماكن العامة وفي دوائر الدولة التي ترفع شعار نحن جميعا في خدمة (الباشوات) من تجار السحت الحرام وعصابات مناصب المحاصصة التي قلبت الموازين فنصبت الجاهل وحقرت العالم، فاين دولة المواطنة يامن تتحدث عن الدستور والقانون والدولة المدنية..؟