شهدت البلاد مساء الاحد الماضي هزة ارضية ضربت بغداد واغلب المدن الاخرى وفي بلدان الجوار.
وكان لهذه المصيبة مؤشرات ودلالات ومفارقات جديرة بالانتباه ودق ناقوس الخطر لتاشير الخلل.
مرة اخرى يجد المواطن نفسه وحيدا يتعامل مع حدث غريب اثار الرعب بين السكان اكثر من داعش وقمع اجهزة الانظمة ومليشيات العصابات المنظمة، فقد غابت الحكومة وخرست السنة الجهة الرسمية المعنية برصد الزلازل وترك الامر للفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي لتزيد الناس رعبا وتنشر الشائعات وتوظف المفارقات لاظهار بطولات شخصية لبعض المقدمين والنيل من شجاعة بعض الضيوف في تلك اللحظات نكاية بهم وتماشيا مع كره الشعب لهم.
وليس غريبا ان تمارس العديد من الفضائيات دور اثارة المخاوف لجهلها او لاجنداتها المدفوعة الثمن، وكشفت هذه الواقعة هزالة صياغة الاخبار وضعف شديد بالثقافة العامة للعاملين في غرف الاخبار ناهيك عن اهتزاز القيم الاخلاقية والمسؤولية الاجتماعية لصانع الاخبار في ظروف حرجة تحتاج دقة متناهية في توصيف المعلومة بالارقام والمصادر المختصة، وربما لانلوم وسائل التواصل الاجتماعي عن تعليقاتها غير الدقيقة وخطابها باشكالياته المعقدة، لكن وسائل الاعلام التقليدية تتحمل مسؤولية كبرى اما م الله والضمير الجمهور. تبين ان اغلب العاملين في الاخبار لايعرفون مقياس ريختر الشهير الذي اخترعه تشارلس ريختر 1935 لقياس قوة الزلازل وسعتها وتوقيتاتها والذي يبدا باقل من درجتين ويسميه صغير جدا ويتدرج لخفيف ومعتدل وقوي وكبير وعظيم وخاتمته يسترنا الله منهم الخارق بدرجة عشرة ريختر وهنالك النادر ابعدنا الله عنه وهو خارج التوقعات.
وتوجد تفاصيل دقيقة تتعلق بالتوصيف العلمي لحركة الزلازل يمكن العودة اليها بسهولة والغريب اننا نترقب تصريحات مصادر للرصد في امريكا واوربا ونتعامل بالارقام بعشوائية وبدون معرفة فتكرر ان درجة الزلزال في بغداد 7 و4 درجات وهي بالحقيقة لاتتجاوز الاربعة والرقم المعلن معناه كارثة وسقوط وانهيار للمباني واشارت الفضائيات نقلا عن الفيسبك بان الارتدادات ستحدث في الساعة 12 ليلا او الثالثة فجرا مما جعل الناس تستيقظ حتى الصباح...!
وذهب البعض بعيدا بتفسيراته الدينية وتوقعاته السياسية وتخميناته لوجود تجارب نووية وبعضهم قدم وصفات للانقاذ وبشر بوجود المنقذين بدلالات ايات قرانية، لكننا تركنا كل ذلك واستمتعنا بنكات صاغتها روح ساخرة تحركها مشاعر الغضب من الفساد الذي اغرق البلاد وعذب العباد.
والمفارقات كثيرة اهمها انتشار وبث الاف النكات جميعها تتمنى ان يكنس الزلزال المنطقة الخضراء وينتقي المفسدين من الطبقة السياسة التي سرقت المال العام واستحوذت على الوظائف وتركت الشباب والفقراء في العراء وعاطلين عن العمل او مقاتلين يصنعون النصر باستشهادهم ويقبض ثمنه الكبار.
وليس عجيبا ان تظهر عشرات الصحف العراقية التي اطلعت عليها في اليوم التالية وهي خالية من اية اشارة للخبر الجماهيري الاول باستثناء جريدة الزمان، ومن عرف السبب كما يقولون بطل العجب فاغلب ولانقول جميع المحررين من الطارئين على صحافتنا في هذا الزمان وصاحب المهارة مرتهن وليس صاحب قرار الذي يمسك به من يتاجر بالسياسة والاعلانات وهذه الدكاكين تدفع صحفها للطبع ظهرا وتترك كل الساعات المتبقية بكل احداثها المثيرة لمدمني التواصل الاجتماعي وكل يكيل بمكيالة ويهتز في مكانه بدرجات لايحددها مقياس رختر بل صاحب التمويل ومزاجه ورغباته في توظيف الاخبار في التمجيد او التسقيط وليذهب المواطن للجحيم (خوش صحافة وخوش صحفيين )والف تحية للصامدين منهم عشاق الحرية والحقيقة ولابد للقيد ان ينكسر وتسقط عروش وتافل كروش.