ادركت حد اليقين مصداقية القول المأثور ان العرب ظاهرة صوتية، والادق نقول ان العراقيين بالأخص ظاهرة صوتية يتحولون فقط لطاقة خلاقة حين يتوفر التخطيط الذكي والقيادة الملهمة التي لم تصل للسلط على ظهر دراجة تقاسم المغانم والتحاصص للمناصب بطريقة توزيع الحصص بين الغرماء..! لقد تعلم بعض الاعراب لعبة السلطة وفنون ادارة الدولة واستعانوا بخبراء اجانب وعراقيين فارين من وطنهم لظلم ذو القربى وتهميشهم ومنعم من المشاركة في وضع الخطط التنموية وتطوير البلاد والعمل على رفاهية العباد، وبجهودهم تحولت الجزر البائسة والصحراء القاحلة لمدن ضوئية سياحية استثمارية، ومياه البحر المالح لمياه عذبة تصدر لعراق النهرين بملايين الدولارات.
والجامعات المتواضعة لوحات علمية تجاوزتنا بسنوات ضوئية بعد ان كانت تستجدي منا اصحاب الشهادات العلية حين كانت لها قيمة ورصانة، ومازلنا حتى الساعة نخطب ونصدر البيانات ونهدد بمحاربة الفساد ونحاول ان نطور ونعمر ونبني، ولكن الجهود كلها غير منتجة، والامر لا يحتاج لتحليل سياسي من عباقرة الظهور في الفضائيات للتنظير الاجوف والتملق المفضوح لجهلة العصر ولصوص اوطانهم من قادة الصدفة وحثالات المجتمع والاستثناء من هذه التوصيف معدود ومحدود ومحاصر في الافعال والوجود.
ولعلنا نحتاج لتقريب الفكرة لعامة الناس ان نستعين بتراثنا الشعبي من الامثال المعبرة والمنولوجات الساخرة فنكرر المثل الرائع الذي يقول ( انطي الخبز لخبازته حتى لو تسرق نصفه).
والله لو كنت رئيسا للوزراء لوضعت هذه الحكمة في مكتبي وفوق راسي ولا استسلم لقدر المحاصصة التي وظفت قيادات وفيالق من الموظفين بدون كفاءات الا ما ندر وترك الانسان الكفوء في طوابير العاطلين لأنه لا ينتمي لحزب ولا يتملق او يورق لإيجاد فرصة عمل، ولهذا فان الاداء التشريعي والتنفيذي والقضائي والمدني غير منتج لأنه تشكل على باطل واسس غير موضوعية، واصبحت الرئاسات الثلاث انموذجا للفشل الاداري، وكذلك النقابات والمنظمات والهيئات التي تحولت لواجهات وهؤلاء جميعا اصبحوا مدمني ايفادات وتصريحات تكلف الدولة خسائر جسيمة مادية واخرى بطرد ومنع استثمار طاقات المنتجين لتقديم خدماتهم وافكار لإنقاذ البلاد بدون استثمارات وامجاد ومنافع شخصية.
وهؤلاء ابتلعوا المليارات ولم يقدموا لشعبهم رغيفا واحدا نظيفا وغير مستورد...!
ولهذا لا نتوقع من الجيش العرمرم لمؤتمر الكويت الاخير استقطابات حقيقية لأموال المانحين لإعمار العراق بل سيتحول لفرص استثمارية للطامعين وليس للطامحين بمشروعية وللوسيط المحلي نصيبه المعلوم، وهذا ليس تشاؤما بل توصيف للحالة الواقعية ومن يقول غير ذلك من الابواق المأجورة وهلل وكبر للمنحة الكويتية المتواضعة جدا، والتي تزيد عليها تكاليف انعقاد المؤتمر نفسه.
هل سألتم امير الكويت متى تشطبوا تعويضاتكم المليارية التعسفية التي تنزع من افواه العراقيين..؟
وهل طالبتم المستثمرين بمشاريع انتاجية وليس استهلاكية ولبناء سدود للمياه قبل ان تجف دجلة ويشح ماء الفرات.. بالتأكيد ان الجاهل والمنتفع والوسيط لا يتجرا بطرح هكذا اسالة يريدها الشعب..
وبالتأكيد لا يهتم بذلك جعيط ومعيط وجرار الخيط الذي يحشر نفسه في كل اصناف المؤتمرات ليس للكفاءة بل ميزته الوحيدة انه يعمل في الرئاسات والهيئات ومجالس النقابات ولتذهب كل الكفاءات للإمارات ولدول الخليج وبحر البلطيق وللصومال والخرطوم وللغرب لتطويرها وتعميرها فمطربة الحي في عراق دولة الفشل لا تطربهم الا تغريدات المنافقين من الحاشية والمقربين.
ومن يعترض نحن على استعداد لتقديم ونشر الوقائع والوثائق عن مؤتمراتنا ومهرجاناتنا وابطالها من فلان وفلانه التي تحولت لكوميديا ومادة دسمة للإعلام الساخر..