نردد هذه الايام بكثرة عبارة (المجرب لايجرب)، وبغض النظر عن مصدرها الاسلامي او العلماني، وتاويلاتها الفقهية او الفلسفية، نقول المقصود ان لا تكرر ذات الوجوه وتبقى في مواقعها اكثر من عشرين سنة في الحكم او البرلمان ووصل الفايروس للنقابات والجمعيات والمنظمات، وهذا لعمري تاسيس لدكتاتورية جديدة.
ولعل من المنطقي السؤال عن اصرار ذات الوجوه للتمسك بمواقعها وعدم اعطاء الفرصة لاخرين ان يجربوا قدراتهم لخدمة الوطن او المهنة، عن طريق تداول سلمي للمناصب، ومنع الاستمرار في المنصب لاكثر من دورتين مهما كانت عبقرية او نزاهة صاحب المنصب، وتشير المراجع الطبية الى ان كريات الدم في جسم الانسان ولضمان العافية والصحة الدائمة تجدد نفسها هي والخلايا دوريا، اما الخلايا الاخرى التي تنتفخ وتكبر لاحجام غير طبيعية فهي خلايا سرطانية تعلن عن بدء موت الانسان، وتتوقف حياته على استئصالها فورا، وهذه سنة الحياة الديمقراطية ايضا، واليات الانتخابات في البلدان الديمقراطية حيث لا يسمح لرئيس اكبر دولة في العالم مثل امريكا ودول الاتحاد الاوربي والمنظمات الدولية ان يبقى الشخص في منصبه اكثر من دورتين كي لا يكرس نهجه الشخصي ومعه ذات الكتلة والحرس القديم والحاشية والعصابة المتنفذه، يحدث ذلك لضمان استمرار الامتيازات مثل الرواتب المزدوجة والمركبات الحديثة والايفادات وما يؤمنه المنصب من علاقات تقود لاستثمارات ومصالح مهدت لها وكرستها دكتاتورية المنصب والاستاثار فيه لاطول مدة ممكنة، بغياب الرقابة وضعف المعارضين واعتماد كل السبل لتحطيم الخصوم وتشويه سمعتهم وتقريب كل الابواق والمنافقين للترويج للقائد الضرورة هبة الله للوطن والمهنة..!
تكرر المشهد السياسي والبرلماني والمهني ومازالت ذات الوجوه التي خربت العراق واذلت اهله، وقلبت الهرم ليكون الجاهل مكان العالم، تكابر وتناضل للاستمرار بلعب ذات الادوار..
لماذا اسالوا دول الجوار.. ودققوا وحققوا بذكاء وانصاف ستجدون ما حققته تلك المناصب من امتيازات وتجاوزات لم ترد في مخيلة مؤلف الف ليلة وليلة..
وستكون الكارثة اعظم حين تكرس الولاية الثالثة لكائن من يكون حتى لو كان من نسب الانبياء والاولياء، ولن ينفعنا بعد خراب الاوطان وانتهاك التقاليد الوطنية والمهنية، ذلك السؤال البليد الذي تكرره هيئة النزاهة (من اين لك هذا) فتحول لمجرد سؤال ونكتة سمجة للضحك على السذج والبسطاء واغلبهم يتم اسكاتهم بالفتات الذي يسقط من الموائد بعد ان التهم الكبار اللحم والعظم وباسم الدين والديمقراطية.
وهي اللعبة وبرب الكعبة استحمار واستغفال سنحصد حنظلة بالاتي من الايام حين نصحو فلا نجد شرفا لمهنة ولا اثرا لوطن على الخارطة بعد ان اغتاله الجهلة ليقبض المغامرون في زمن الغفلة ثمنه دولارات ملطخة بالعار.
ولا يصح في نهاية المطاف الا الصحيح وسيعاد الهرم المعكوس الى وضعه الطبيعي مثل اهرامات الجيزة، وسنعد العدة لتهيئة اقفاص العدالة لمن تجاوز على هيبة العراق وغيب احلامنا بوطن حر وصحافة شريفة، ودون ذلك يتمنى كل شريف الشهادة وليس العيش مثل العبيد.
وصدق من قال وفعل وليكن هذا شعارنا وفعلنا وقدوتنا (ان مثلي لا يبايع مثله).