كشفت لنا الصراعات الانتخابية الاخيرة وحملاتها الترويجية عن حقائق عن طبيعة الشخصية العراقية واساليب وطرق ادارتها للصراع مع الاخرين لتسلق سلم السلطة ليس بالاقناع، بل عن طريق اسقاط الاخر باستخدام الوسائل والاساليب كافة.
يبالغ من يعتقد بان ما حدث ظاهرة عراقية حصرية، بل يحدث في منافسات الرئاسة الامريكية ماهو ابشع واكثر اثارة، لكننا في بيئة يفترض ان لها منظومة قيمية واخلاقية مختلفة، ونشترك مع الاخرين بخصائص بشرية مشتركة لكننا نتميز عنهم بخصال اخرى خاصة بشعوبنا التي تراوح في دائرة البداوة والاريفة والتمدن، ولعل اهم انعكاساتها التي تكشفها الصراعات الانتخابية العلنية، والاخطر منها الصراعات الوظيفية الخفية التي تتسم بالمؤامرات ومحاولات تدمير المنافسين على المنصب بطرق ليست ديمقراطية واخلاقية تتسم بالشرف الانساني والوظيفي، فمن حق الانسان ان يطمح بمنصب اعلى ومرتبة اكبر ولكن ليس من حقه تسلق هذا السلم بالغدر والخيانة واسقاط المنافسين المحتملين بالافتراء عليهم بتهم ملفقة وازاحتهم باقذر من اساليب الانقلابات العسكرية الدموية، وهنا تكمن الاخلاق والتمدن والثقافة والانتقال السلمي للسلطة او سلم الوظيفة بروح المصلحة العامة والاعتراف بتفوق الاخرين واستحقاقهم على اساس العمل والاداء وليس الولاء والاستماتة على المنصب ليس لغرض الخدمة العامة بل طمعا بالفرص التي يوفرها ويوظفها الانتهازي المتسلق لتحقيق احلام كبيرة عبر هذا السلم لوظيفة لاتدوم لشخص ما مهما طال الزمان ولكن الانسان الحليم الطموح عليه ان يعتمد الشفافية والفروسية في تحقيق رغباته واحلامه الوظيفية.
ولكن لكل انسان ماتطبع عليه، واخر تلك الطباع (الحوسمة) وهي الاستحواذ على مانريد بكل ما يتاح حتى لو تطلب الامر الازاحة بالقوة لاقرب الناس نسبا وانتماءا ولعل قصص ابناء الخلفاء والامراء خير شاهد على مانقول.
ولكن ان يحدث مثل ذلك في الالفية الثالثة في مؤسسات علمية او دوائر للخدمات العامة فهذه ورب الكعبة قمة التخلف والقذارة، فاين العلم والثقافة والاخلاق يا من ينتظر منكم الشعب الاصلاح والتحديث والتطوير..؟ والاكثر غرابة ان العقل والسلوك الانتخابي والوظيفي يتحرك بخبث دون مراعاة لمشاعر الاخر، ولعل الوصف الاكثر دقة لتصرف هذه الزمر السلطوية ما يفعله الابناء في الصراع والتقاتل على ما يعتقدونه ميراثا لابيهم وهو مازال حيا وعلى قيد الحياة فهل هذه السنة حسنة وسلوكا اخلاقيا ام خيانة تدلل اننا مازلنا نعيش في الصحراء ونواصل السطو على القوافل طمعا بالغنائم او نغزو الجار لنستحوذ على ما عنده وحين نتمكن بالغدر نتوضأ ونكبر ونصلي وندعي اننا نزهد في الدنيا ونريد جنة الاخرة، اليس هذا نفاقا ودجلا فهل يصلح المنافق ونستامنه في اي مكان، وهل سنتوقع من طالب الولاية عملا صادقا وسلوكا قويما، ولعل مايحدث من خراب في الرئاسات والوزارات والهيئات والمفوضيات خير دليل لحصادنا للفشل بسبب حوسمجية المناصب وعقلية الانقلابات والمؤامرات.. وعدم الاعتراف بكفاءة الاخر..!