ينشغل الراي العام العراقي هذه الايام بازمتي انقطاع التيار الكهربائي وشحة مياه دجلة، بينما تنشغل الطبقة السياسي بازمة تزوير الانتخابات وترتيب طبخة تقاسم السلطة بين الاخوة الاعداء غير مكترثين لكارثة اغتيال نهري دجلة والفرات، واستهانة دول الجوار بحقوق العراق وسيادته.
لقد سعت تركيا منذ ثلاثة عقود وبمعونة هندسية ومالية اسرائيلة لتنفيذ اكبر منظومة سدود في العالم في اطار (مشروع الغاب) جنوب شرق تركية ويشتمل على انشاء (22) سدا و (19) محطة للطاقة الكهربائية، وسدود اخرى ستهيمن على منابع دجلة والفرات وتؤدى لجفاف النهرين في العراق في اخطر اعتداء على حقوق الانسان والقانون الدولي.
المهم في الامر ان ازمة او حروب المياه قد ورد ذكرها عبر كل الفترات التاريخية في احاديث نبوية وفي امهات كتب التاريخ، لكن طبقتنا السياسية قد فشلت بادارة ازمة الكهرباء، مثلما فشلت بادارة ملف المياه كما فعلت مصر مع اثيوبيا بشان سد النهضة، ولانتردد ان نذكر حقيقة تاريخية حين قام النظام السابق بحملة دبلوماسية واعلامية وسياسة عام 1992 عندما تزامن قيام تركية بملء سد (كيبان) وسورية لسد (الطبقة) حينها جف نهر الفرات وتعاطف العالم كله مع العراق ومارست العديد من الجهات حملات ضغط على الجارين، بل وصل الامر بالتلويح لاستهداف السدود بالصواريخ العراقية بعيدة المدى، واسفرت الحملة لتنظيم الحصص المائية وعودة الحياة للفرات.
لانريد ان نقارن خوفا من التاويلات المريضة، ولكننا نختصر القول بمهزلة الموقف وضعف التصريحات.. المعبرة عن دولة خانعة فاشلة، فيقف وزير الموارد المائية ليطلب من الناس شراء خزانات اضافية، وتحرك البرلمان لاستثمار الازمة لسفرات سياحية لتركية للاستجمام قبل ختام مدة البرلمان، وبين هذا وذاك تلوح بالافق كارثة حرب المياه وماساة شحتها بل خطورتها لان النهرين هما هويتنا وسر حياتنا.
فهل تعي سلطات المحاصصة لخطورة الامر، نقولها صراحة لاحياء او حياة لمن تنادي، وعلينا جميعا ان نتحمل مسؤولياتنا لانقاذ دجلة الخير من مخالب السلطان اوردكان، ونطالب ايضا الجارة ايران لاحترام حقوقنا من المياه المشتركة وان تكف باغراق اراضينا بمياه البزل المالحة.
ونطالب اصحاب الخبرة والوطنية في الجامعات وفي كل مكان لتقديم اقتراحات لانشاء سدود وخزانات وترشيد الاستهلاك والاستخدام الامثل للمياه، وتنظيم حملات احتجاج مؤثرة وعدم الاكتفاء بالخطب والبيانات والبكاء على الاطلال..