تشهد صفحات التواصل الاجتماعي حربا غير مقدسة عبر تغريدات عراقية وجزائرية على خلفية الهتافات غير المنضبطة في مباراة لكرة القدم تكشف وللأسف الشديد ترسيخا لخطاب الكراهية وسوء الفهم ونقص المعلومات ودور خطير لعناصر التطرف لتسميم العلاقات بين البلدين خدمة لداعش ولاصحاب الاجندات المريضة.
ما حدث يحتاج للحكمة والتعقل الرسمي والشعبي، وبالتأكيد فان الحكومة الجزائرية واتحاد كرة القدم ينتظر منهما مبادرة سريعة للاعتذار والتوضيح بوصف ما حدث من جمهور لنادي رياضي مغمور مكون من بضعة الاف لا يمثلون حتما الـ (42) مليون مواطن جزائري يتميزون بالاعتدال والعقلانية وقد لمسنا ذلك قبل شهور قليلة حين القينا كلمة الجامعات العراقية في جامعة وهران فمجرد ان ذكرنا اسم العراق وموقفه من الثورة الجزائرية حتى وقف الجميع على قدميه ولم تتوقف اكفهم من التصفيق وصعد الى المنصة احفاد الشهداء لتحية العراق.. وبعد ازمة الهتافات غير المسؤولة وربما المسيسة مسبقا والتي دفعت فريق القوة الجوية للانسحاب. واعقبها انطلاق تغريدات غير مهذبة لاثارة الكراهية بين الشعبين وصلتنا رسائل كثيرة من اساتذة جامعات ومثقفين وادباء وفنانين من مدن الجزائر المختلفة تحمل تعبيرات الاسف والاعتذار لما حدث. والتاكيد بان ما افتعلته مجموعات متطرفة لا تمثل شعب وحكومة الجزائر التي رفضت في كل الاحداث الماضية ان تتخذ موقفا عدائيا من العراق.
ان ما حدث وسبقته مواقف واحداث مماثل في فلسطين ومصر وسيحدث في العديد من البلدان العربية والاسلامية، بل وحدث في اربيل وزاخو يؤكد نجاح وسائل الدعاية المتطرفة واصحاب الاجندات في رسم صورة نمطية سيئة ليس عن العملية السياسية وقادتها بل عن الشعب العراقي وعمقتها مايراه ويسمعه العالم عبر الوسائل المختلفة من قصص الفساد والخطابات والصراعات الطائفية القذرة التي يسوقها الساسة عبر فضائياتهم والفضائيات العربية المتاجرة بالفضائح والطائفيات ويكون ساسة الفتنة من اهل الدار هم من يؤجج هذه الصراعات وينقلونها لجيوشهم الالكترونية حتى اصبح المواطن العربي البسيط يعتقد ان الشيعة يكفرون صحابة الرسول ويذبحون ابناء المذاهب الاخرى.
ويعتقدون ان العراق ولاية ايرانية يدير نصفها السيد علي الخامئني والنصف الاخر بقبضة اتباع الاحتلال الامريكي وليس في العراق صوتا مستقلا او ارادة وطنية ولعل المغالات في الشعائر والطقوس الدينية وانتشار خطابات غير مسؤولة من مشايخ الجهل والفتنة ساعد المتطرفين في اعتمادها في عملياتهم النفسية لتضليل الشعوب وتجنيد الانتحاريين.
واقول اخيرا وبعد مسح ميداني اننا نتحمل مسؤولية سوء الفهم بعد ان تركنا الساحات للخطاب المتطرف وعجز خارجيتنا من اختيار سفراء وملحقين ثقافيين ودبلوماسيين من اصحاب الخبرة للتفاعل في تلك البلدان لتصحيح الصورة. واصبح الامر مناصب للاحزاب والحاشيات والمقربين ليحصدوا الامتيازات وليذهب العراق وصورته للجحيم. وما يحدث الان هو فساد الدبلوماسية مثل فساد الاجهزة التي سرقت ثروات البصرة وتركوها بلا ماء ولا كهرباء ولا امن ولا سلام ويحرم عليهم الكلام، وان تظاهروا تطلق عليه الغربان الرصاص ويسجل القاتل بانه مندس مجهول الهوية.!
العراق الوطن والمواطن امانة في رقبة الشرفاء من اصحاب الاختصاص والنخوة الوطنية لإنقاذه من هذه السمعة السيئة، ونحتاج خطة للدبلوماسية الناعمة، ذكية ومحكمة وهذه لاتنجح الا بتطهير وزارة الخارجية من دبلوماسيي الصدفة وابواق الاحزاب والسفراء الاميين الجهلة.!