إذا كنت تنضوي تحت عمامة ما، أو تحت لافتة يجلس رافعها تحت سقف البرلمان، فلا تخرج للتظاهر، لأنّك ستخرج ضدّ نفسك، لكن، ألم يحن الوقت لتخرج الناس ضدّ نفسها حقاً؟!
***
لقد تلاقفوا الكرة شيعة وسنّة، تلاقفوها تحت عمامة الدين، ولسان حالهم جميعاً يقول، إنّه الملك وليس شيئا آخر.
وكأنّي أسمع صوت خليفتهم القديم: " لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء ولا وحي نزل ".
اللعبة ذاتها، لكنّها الآن تتمّ بالأضداد كلّها، ليس هناك ظالماً ولا مظلوما، بل ليس هناك حقاً ولا باطلاً ، لقد تبيّن بوضوح تام أنّهما توأمين، كلّ واحد منهما يشير الى توأمه ويقول هذا أنا.
***
إنتهت لعبة الدين بعد أن تعرّى دعاتها، الشارع العراقي يغلي لأنّه حي، ولم تعد لعبة الموت المؤثّث بالجنّة تغوي، لقد نضب تأثير المخدّر القديم، أصبح من السهل جدّاً الوقوف بوجه داعية وتعريته، رغم أنّهم عراة يغلّفون أنفسهم بالنسب والزي والترديد الأجوف لكلمات تمّ علكها لقرون طويلة وثقيلة.
***
في الأيام القادمة سينحدر منسوب الدعاة الى الحضيض ، الشباب الذي يخرج اليوم الى ساحة الإعتراض والإعتصام هو بذرة الشباب الذي سيخرج أبدا، شباب يحبّون الحياة، شباب يتكئون على الحب في علاقتهم مع الله، شباب ليسوا ملحدين، لكنهم يحبّون الحيا، وليسوا مثل دعاة يدعون للجنّة وهم آخر من يُضحّي بأنفسهم لأجلها،.
شباب يحبّون الله بحبّهم للحياة، شباب يعي أنّ الدين شأنٌ خاصٌ جداً، وأنّه لا يحتاج الى مراجع ولا الى شفعاء، الدين إنفراد الذات بالذات.
***
إذا كان الله خالق هذا الوجود، فمحبة الله لا تكون إلا بحبّ ما خلق.
***
إذا خلق الله الحياة، فإذن، عبادة الله لا تكتمل الا بحبّ الحياة، الحياة وليس الآخرة، الحياة وليس الموت، الحياة لأنّنا فيها، بل
من الجهل أن تكره الإقامة في الحياة حين تكون هي فرصتك الوحيدة للإعلان عن ذاتك، وعن وجودك.
***
إذن حبّ الحياة يحقّق غرضين في وقت واحد، تحقّق الذات، والإقتراب من خالق الحياة.
***
يبدو لي أنّ لصوص الحكم ومن وراءهم من عمائم ومراجع وأحزاب، أقول: يبدو لي أنّهم حقّقوا في سنوات قليلة ما كنّا نحلم به منذ بداية تشكّل الوعي، لقد كشف الفساد عقم الاحزاب الدينية كلّها، بل كشف زيفها المطلى بهالات التقديس، هكذا سالت ألوان التجميل تحت جحيم الصيف، وتجرّدت الوجوه إلا من بؤسها وشؤمها.
أقول: يوماً ما سيشكر الشارع العراقي كلّ اللصوص والقتلة، بل سينصب لهم تماثيل في الحدائق، وسيكتب تحت كلّ تمثال إسم اللصّ وما فعل، سيتم الإحتفاء بسرقاتهم جميعا، لأنّهم كشفوا نقاب الشعارات التي تمّ استثمار عاطفة الشارع النبيل عبر ترديدها، فقط، لأنّهم جاءوا بعد فترة مظلمة، لكنّهم جاءوا ليكشفوا عن ظلماتهم أيضا، لقد بدا واضحاً أنّ المظلومين هم الفقراء الجياع فقط، وأنّ دعاة الدين كانوا القراد الذي إمتصّ دماء المظلومين على طول التاريخ .
***
أتحسّس الزمن القادم، وأرى المدنية وهي تعود الى شوارعها القديمة، وأرى الناس وقد رفعوا عن عقولهم وسلوكياتهم أتربة الكراهية التي تراكمت تحت شحن الدعاة.