الحديث عن تظاهرات العراق لن يرضي الكثيرين، سواء في الداخل أو في الخارج، وهذا الكثير هو الداعم الأساس ليس لفساد السلطة فقط، بل الداعم لخراب البلد أيضا.
***
لكن، بعد أن بدأ إنفعال الصحو ينتشر بين الناس، وتصاعدت أعداد المتظاهرين بطريقة تفتح ثانية باب الأمل في هذا الشعب، الذي يصرّ رغم الموت الذي ينخر الوطن، أقول، يصرّ هذا الشعب على الحياة، شعبٌ حيٌّ، ويحبّ الحياة، لقد إنتقلت شرارة التظاهر من الجنوب لترتفع عاليا، ولا أراها تقف حتى تشمل كلّ شبر من أقصى الجنوب الى أقصى الشمال.
***
العراق مقبل على إنتفاضة هائلة، لا تزال بوادرها سلمية، يحاول الشارع أن يتفوّق على السلطة بانضباطه واحترامه للسلم، لكن هذا لن يدوم طويلا، خصوصاً وأنّ الاحزاب بدأت تعرقل صفو التظاهر بعصاباتها.
***
أقول، العراق مقبل على إنتفاضة هائلة، وإذا لم يتدارك أهل السلطة - بكلّ أشكالهم وهويّاتهم، وعلى رأسهم العبادي - إحتواء الغضب الذي يتعالى، فإنّ العراق متّجه الى كارثة لم يعرفها أحد بعد.
***
لم يحدث أن هتف مليون شخص: " بسم الدين باگونه الحراميّة " هذا الهتاف لحظة صحو هائلة، يمكنني أن أتخيّل مسار العراق في حال تمّ التغيير ومحاسبة الفاسدين ورعاتهم، العراق المدني الحيّ، العراق محبّ الحياة.
***
لقد سيطر الأغبياء على دفّة المركب منذ سقوط الصنم، وها هم قد أوصلوه الى الطوفان، الطوفان الذي لا يبقي ولا يذر .
***
الأغبياء قادوا المركب الى حتفهم، لقد تعرّوا جميعاً، لم تعد العمائم تستر العفن، ولم يعد النسب واقياً من سيول الاستهزاء. لا زالوا في السلطة، لكنّهم أصبحوا هزءة الشارع والحياة، ومع هذا
فقد بلغوا من إنعدام الحسّ حداً أصبحوا فيه لا يشعرون بقيمة أن يُحمل أحدهم ويُرمى في حاوية القمامة.
***
الشارع الحيّ يقابل السلطة الميتة بأحزابها ومليشياتها، وقديماً قالوا: " خرج الحقّ كلهّ ليجابه الباطل كلّه " ، الحيّ فقط هو الحق، الحيّ الذي يحبّ الحياة، الحياة ككرامة وقيمة ومعنى، والباطل هم فاقدو الحياة، وفاقدو الكرامة، وفاقدو القيمة.
***
لقد بلغ عدم حياء السلطة أن يذهب نصف عدد البرلمانيين الى الحجّ في ذروة تصاعد الاحتجاج والتظاهر، ولا أرى في ذلك الا تمادياً في تجاهل الشعب المنتفض. إنّهم بغبائهم هذا يدفعون السلم دفعاً الى العنف، لأنّهم يعرفون أنّ الشعب أعزل ألا من الوعي، وفاتهم أنٌ الاعداد التي تتضاعف لن يوقفها في لحظة الغضب غدر وخسّة الميلشيات.
***
لا أرى العبادي يجرؤ على محاكمة رؤوس الفساد، لأنّ الشبكة متداخلة ومرتبطة بإيران والخليج، والعبادي يعلم يقيناً حجم وشراسة المافيات التي تلبس أثواب الحمايات، المافيات الملثمة والسافرة تحت ضوء الشمس وأمام مرآى الشرطة وقوات الامن، لأنّه إبن إحداها.
***
لا أعوّل كثيراً على العبادي، فالرجل يصلّي خلف المالكي، وبقاء هذا الأخير طليقاً مرهون ببقاء المحمود، وسقوط صنم صغير مثل المالكي سيقود الى سقوط أصنام كعبة البرلمان كلها، وسقوط الأصنام يعني فناء سدنتها من عمائم وأحزاب، وهذا ما لن تسمح به دول الجوار.
***
الاصنام الصغيرة تذهب الى الحجّ، مثلما ذهب الصنم الكبير من قبل ، الكلّ يتّخذ الكعبة نافذة للتسويق، لكن، ليس بعد الآن.
***
أرى تحطيم الأصنام قادماً، لكنّه لن يكون سلميّاً.