تحتاج الى جنون عالٍ لتّتخذ قراراً يفكٌك كل ّنظامك العائلي ويعيد تركيبه، ولكنّها مخاطرة تستحقّ المراهنة أيضا، فمن يقيم على الحافة ينبغي أن لا يستمر الى النهاية، الحافة إعلان بالقفز، إنّها الرهان الأعلى والأخطر، أن تقفز يعني أن تجد نفسك في القاع تماماً، أو أنّك تتبع قدرة الأجنحة على التحليق .
***
السؤال هنا هو ماذا تريد أنت تحديداً، وليس ماذا يريد الأخرون؟
لقد إنشغلنا طويلاً بالآخرين الى درجة نسيان ذواتنا، وآن أن يكون للذات حضورها الخاص، أن تعيش حياتها بالطريقة التي تراها وتحسّها، بعيداً عن حياة تمّ توارث قيمها وتقاليدها عن .. عن .. عن عظام نخرة.
***
لقد آن أن نزيح عن كاهلنا ثقل حياة لا تخصّنا، حياة أقلّ ما يمكن أن توصف به أنّها محض خواء، خواء منحناه قيمة عبر إصرارنا على تكراره دائما.
خواء منحناه هالة تقديس زائفة، تقديسٌ قتل قدرتنا على مساءلة التفاصيل، لقد قتلنا أنفسنا حين فتحنا أبوابنا مفتوحة للماضي أن يكون حاضراً .
***
لقد آن أن تلتفت العين والعقل بعيداً، أن يعيشا حياتيهما، للعين ما ترى، وللعقل أسئلته التي لا تعرف تقليم أظافرها.
لقد آن أن نصيح بوجه الهراءات:
كفى، لقد ملئتم حياتنا قيحاً.
خذوا حياتكم وتقاليدكم واذهبوا بعيداً، لم يعد في الإمكان التنازل عن المتبقّي من رصيد الحياة، الحياة التي تتسرّب من بين أصابعنا والى الأبد.
***
فليحلم الحالمون بحياة أخرى، أما أنا فلا أرى أبعد من هذه الحياة، ولا أريد، وقد أضعتُ الكثير منها، أن أُضيع المتبقّي منها .
***
إتّخاذ قرار عائلي هو بحدّ ذاته إتّخاذ قرارٍ ضدّ كلّ شكل الحياة، إنّك هنا في حالة أن تعلن عن كلّ ما تردّدت عن قوله لاعتبارات أنت في غنىً عنها الآن، أنت في لحظة مخاض جديد، ولادة جديدة، أو موت على ساحل النجاة.