كما لو أنّ التاريخ البشري محض محاولات في خلق إله أكثر شفافية، محاولات تدرّجت من الطوطمية وصولاً الى شريعة حقوق الإنسان.
***
منذ انتبه الانسان لوجوده في العالم وهو منشغل بخلق إله له صورة الحلم وطبيعته، كان وما زال الاله حلم الانسان، بل أنّ الانسان يتفنن في خلق حلمه، فالإله في النهاية طوع يدي الانسان، الى درجة أن يكون متطابقاً أحياناً مع واقع الانسان نفسه، وهذا التطابق يفقده الإله الطبيعة الحلمية، خصوصا اذا ما كان الواقع الحياتي بائساً.
***
الاذكياء هم الذين يخلقون الهة أكثر سعة من واقعهم الحياتي، وأبعد طموحاً، أولئك الذين يجعلون
آلهتهم معنيّة بالمعنى وبالمعرفة التي تفتح قدرات الانسان ذاته.
المنفتحون يخلقون آلهة منفتحة.
***
بائس هو الانسان الذي يخلق إلهً أقلّ شأناً وقيمة من الواقع الحياتي الذي يحيا فيه، بائس هو الانسان عندما يجعل طموحه وحلمه أقلّ شأناً وقيمة من الحياة التي يحياها.
***
عندما تخلو ساحة الحياة من المنافسة، يكون إنشغال الانسان مكثفاً باتّجاه البحث والمعرفة، يكون الاله أكثر انفتاحاً على العالم، وحالما يظهر منافس على أرض الواقع، يبدأ الانسان بالانهمام باقامة الطقوس، يدخل في الرياء، يفقد براءته الأولى، وعندما يرتفع حدّ المنافسة الى درجة الصراع يبدأ الانسان باتّخاذ رموز وإشارات تفصله عن سواه.
***
هذه الآليات هي نتاج واقع حياتي يومي، غير أنّ الناس لفرط انخراطها في التيهان تبدأ بالإعتقاد بأنّ الرموز والاشارات والطقوس والواجبات هي أوامر اإهية، وأنّها لا بدّ أن تتبع.
في التيهان ينسى الانسان أنّه هو من يخلق الإله وليس العكس.
***
ما يحدث الآن في العالم هو أنّ الكثير من البشر يعيشون غيبوبة عن الوعي، لكنّهم، يطالبون الباقين - الذين على قيد الوعي - بأن يتّبعوا خطاهم باعتبارها النافذة الى الحقيقية، أو أنّها الطريق الأوحد الى الحياة الحقة.
***
أزمة الانسان أنّه لا يعترف أنّه هو من يخلق إلهه.
***
منذ انتبهتُ لوجودي في العالم وأنا منشغلٌ في خلق إلهٍ يتفوّق على أسئلتي الخاصّة.