اعددتها لكم من كتاب (بيت من لحم) وهو مجموعة قصص قصيرة للكاتب الكبير سهيل ادريس ...
يقال ان الطبع يسبق التطبيع ومن شب على شئ شاب عليه وتلك هي فلسفة الحياة. طيب ماالذي يجعل امراة تجلس في غرفة وحدها امام المرايا وتذرف الدموع بسخاء وحرقة؟
تعالوا معي لنتعرف سويتا سر نحيب تلك القيثارةالجميلة.. قسمت في منتصف الثلاثين من العمر.
جميلة جدا وتفوح بعطر الانوثة والاناقة والجمال وهي سيدة مجتمع من الطراز الاول. ترتبط بالجراح الشهير محمد وتعيش معه مفترق طرق!! هي الرومانسية الحالمة والعاشقة للهواء والخضار والبحر والكلمة الرقيقة والعاطفة المتقدة اما زوجها فكان على النقيض من ذلك تماما فكان كل اهتمامه وبراعته تكمن في مهنة الجراحة واغلب وقته يقضيه في المستشفى.
كان رجل علمي لاتعنيه الجوانب الاخرى من الحياة !! حتى احاديثه الخاصة لايتطرق فيها وفي احيان كثيرة الا في مهنة الجراحة واخر العمليات التي اجراها وعلاقته بالمرضى حتى الميدالية التي يحملها مع مفاتيح سيارته عبارة عن مبضع للجراحة!!
حاولت قسمت جاهدة ان تغيرمن واقع حاله وتجعل منه رجلا ناجحا وبارعا في العلاقات الزوجية ومتطلباتها لكنها فشلت ويوم بعد اخر ملت تلك الحياة الرتيبة معه بالرغم من توفيره لها كل متطلبات الحياة الا شحت العواطف والمشاعر!! راحت تحس وتشعر بالوحدة وكان لسان حالها يقول ( لمن صبايا لمن؟ شال الحرير لمن؟ وضفائري اربيها منذ اعوام لمن ؟)
كانت تنتقده بشده لكنه كان يقابلها ببرود تام حتى تمنت في يوم ما ان يثور عليها ويغضب من تصرفاتها ولكن كل من ذلك لم يحصل كان يحترمها احتراما شديدا تاركا لها كل التفاصيل الصغيرة ان تتصرف بها دون ان يعترض عليها او يبدي رايه فيها!!
حاولت ان تخرج من شرنقة الزوجية وان تلتقي بالمعارف والاصدقاء وفي محاولة لكسر ذلك الايقاع الرتيب تذهب في سفرة الى البحر مع صديقاتها وازواجهن طبعا تذهب بمفردها دون ان يكون زوجها معها لانشغاله!!
وهناك تشعر بالوحدة وتبكي وقبل ان تجر الشمس ذيولها وقت الغروب تتعرف على الشاب المتفتح والعاشق للبحر والحياة هشام رغم محاولتها المقاومة لتلك العلاقة ويصبح لحياتها طعم خاصا حيث تتنامى صداقة جديدة على البحر وراحت تحكي له عن ظروفها وحياتها الخاصة. استمرت تلك العلاقة فترة من الزمن وكانوا يلتقون بالسر والخفاء بعيدا عن اعين صديقاتها ولكن تلك هي العلاقات التي تبنى في الظلام سرعان ماتنتهي بالظلام !! وفي يوم ما تقرر ان تذهب الى المستشفى التي يعمل بها زوجها وحاولت ان تتنكر لتكتشف سر شخصية زوجها فتفاجئت ان زوجها الهادئ البارد في البيت هو غيره تماما في عمله حيث كانو كل كادر المستشفى يحسبون له الف حساب لانه كان شديدا ويحاسب على الصغيرة والكبيرة واستطاعت ان تدخل الى غرفة العمليات متنكرة وشاهدت مدى اهمية زوجها ومدى شخصيته القوية والسيطرة على زمام كل الامور !! ومن هنا عرفت كم كان قويا ورجلا حكيما ومتسامحا معها ويحبها ويحترمها ولم يريد ان ينقل سلوكه الصارم واوامره في المستشفى الى داخل بيته انه يريد ان يعيش حياة ها نئة ملؤها الهدوء والانسجام. وفي لحظة محاسبة الضمير والذات تبدا بالمقارنة بين صديقها هشام وزوجها فتصاب بازمة نفسية حاده فتبعث برسالة الى صديقها وهي تقول له (انا غير مستعدة بعد الان ان ارتبط بعلاقة مهما كانت بريئة .. اسفة لن يكون لنا لقاء اخر ) ومن خلال ذلك تعود الى بيتها بعد ان تكتشف في صديقها صفات انتهازية وان شخصية زوجها مهما تكن فهي افضل من شخص اللقاءات العابرة في الحياة وانهم اشبه بورقة السيلوفان ظاهرها يختلف كليا عن باطنها!!الذي اريد قوله.. لنجلس سويتا اصدقائي ونتكلم عن ماهية علاقة الرجل بالمراة؟ مالذي يريده الرجل من المراة؟ وما الذي تريده المراة من الرجل؟ وما الضير في ان يكون الرجل الناجح في حياته العلمية ان يكون كذلك في حياته الاجتماعية والانسانية وان يكون متقد العاطفة وان يقرا الادب ويسمع الموسيقى ويدخل معارض الرسم؟ وهل من الضرورة ان ينقل الرجل تصرفاته وشخصيته في عمله الى داخل بيته؟
كل تلك الاسئلة نضعها تحت ايديكم اجيبونا اثابكم الله..
ولله في خلقه شؤون ..