1
الواجهة لا تعني الوجاهة وليس كل من يتقدم القوم أهلا لذلك، والذي يقذفه المدّ إلى الساحل لا يعني انه من النفائس النادرة، ذلك لأننا نعيش في زمن يطفو فيه الجميع على السطوح! في زمن الحروب المجانية تُعطى الأوسمة للنائمين في الخلفيات، أما المقاتلون الحقيقيون فهم بلا أوسمة ابدا! يقفز المهرجون على الواجهة ليعطوننا دروسا في كيفية الوقوف الراسخ المحمي بذاته!
المهرجون امتداد لقامات الخراب، فئة تمارس بهلوانيتها على منبر ليس لديه وقت لفائض أوقاتهم! نصبوا أنفسهم شماعات تُعلّق عليها أوهام االتفرد والألمعية، وما عليك أيها المحاصر بالزمن البهلواني إلاّ أن تصدّقهم؟!
العلل الغامضة لا تستدعي من يحاول أن يشخّصها فحسب، وانما تستدعي المهرجين أيضا، أولئك الذين ليس لهم ناقة ولا نويقة في التشخيص، مادام الجسد المُسجّى أصبح حقلا للتجارب والتجريب ومختبرات ركن الهواة!
هناك متطوعون جاهزون في جميع الأوقات، متطوعو الضجة والهوسة، يبوّقون بلا انقطاع لإدامة زمن التهريج والمهرجين.
المهرجون فصيلة لا تنمو بمعزل عن الأتباع، الذين هم في مرحلة تهريجية أدنى، ويحلمون أن يبلغوا مرحلة صاحبهم التي بلغها بالمجاهدة وترويض النفس!!
ما أن يجدوا فسحة حتى يمدّوا رؤوسهم، فتعاليم المهنة تلحّ عليهم وتستبد بهم، فالفرصة لا ينبغي أن تفلت، خصوصا انهم يحملون منبرهم معهم والجمهور جاهز يترقب القافزين!
المهرج يعرف نفسه ويعرف دوره واللحظة الحاسمة المؤثرة التي ينتقيها بحذق ليظهر مواهبه.
يدخل من نهاية الأحداث ليوهم الآخرين انه من صنّاعها!
2
خفافيش النهار تسرّب وثائقها المشبوهة وتحاول الالتصاق بالمنبر لتستعرض خواءها.
خفافيش تسعى جاهدة لكي تخطف الأبصار كما لو انه موكول بها اعادة صناعة الحياة التي اضمحلّتْ وأمحلتْ! ربما كان سوفوكليس على حق عندما قال: أفضّل الإخفاق بشرف على الفوز بالخداع!
الخداع مناورة تقوم به الشخصية المهزومة لتوهم الآخر بانها منتصرة في حقل ما، وخصوصا حقل المنابر.
التهميش يقتل الجاهل رغم معرفته بجهله، لذلك تراه يزاحم الأكفأ منه بهذا الجهل. أدمن الفرقعات التي تؤسس للفساد الفكري واللعب على أوتار الصخب والضجيج لتسفيه الآخرين والنيل منهم وان لم يكن بصورة مباشرة.
الكثير يموّه حقيقته فيحاول أن يبدو على غير ما عليه، بعضهم يرتدي أقنعة محبكة الصنع لا تتكشف بسهولة وبعضهم يرتدي قناعا مضحكا.
المتسلقون على الظهور، النطاطون، سقط المتاع، ذباب الاسواق، الحثالات، تلك الشخصيات الهشة القلقة التي تشبه كولاجا من شتى الرقع، تبحث عن موطئ قدم تزاحم به أهل الفكر والثقافة. الاطراء الكاذب ينعش الأحمق ومنحه لقب} الاستاذ{ بحثّه على المضي في حماقاته.
همه الأول والأخير هو الظهور والانحشار في أية صورة يستعرض بها نفسه.
من الكوارث الكبرى أن تتعايش مع فقاعة تطالبك، أو بالأحرى تبتزك، بضرائب حضورها!!