اللابطون في المستنقع!
حياتهم مستنقعات لا تُحصى
ولا توجزهم خلاصة.
في كل مستنقع لهم أدوار استحالة.
يتعهّدون قرون استشعارهم على الدوام.
لذلك يهربون من هذا المستنقع أو ذاك
كلما أوشك على الجفاف.
ما يتشقّق من جلودهم في أي مستنقع
يحسبونه امتيازا تاريخيا.
أساطير تُنسج، وخوارق تفبرك،
فقد تم تهريب التاريخ عبر ذلك المستنقع!
الحياة ذكرى في مستنقع، تلك هي فقاقيع حياتهم!
بهلوانات المستنقع تدّعي انها:
تعلّم قوس قزح كيف يتدرّج بألوانه
وتعلّم الأنهار كيف تحفر مجراها
وتعلّم الحشرات الرقص تحت شمس الظهيرة،
وتلقّنها أسماء الحضور
في سيرك الخيبة هذا!
الذي أفنى حياته في المستنقع،
يرسم لنا خريطة الغد،
ويرسم لنا فيها حدود مدينته الفاضله،
لكنه ينسى فضلاته الطافية على هذا المستنقع!
ذيـول
ربما لا تصدقون الحكاية.
ولكنها حدثت لي..
فقد أوقظني الكلب من نومي في أخريات الليل وهو يبحث عن ذيله!
فتش مؤخرتي ليتأكد من انه ليس ملتصقا بها.
قال لي: أين أخفيتَ ذيلي؟
هو يتهمني إذن، وصيغة سؤاله تدل على الاتهام، ولو كان سؤاله مجرد شك لقال لي: هل رأيت ذيلي؟
انه مجرد كلب من الكلاب السائبة التي تقتحم المدينة في أخريات الليل ولقد تعودنا على نباحها وطرقها على الأبواب.
قلت وقد رأيتُ علامة جدية السؤال على وجهه: وما علاقتي بذيلك؟
قال بنبرة عدوانية: أنتم مثلنا كلكم كلاب أولاد كلاب، ولكن بلا ذيول حقيقية.
قلت: لم أفهم؟
قال: أيامكم ذيول مصنّعة والمنصات التي تخطبون عليها ذيول وهتافاتكم ذيول والمستقبل الذي توعدون الآخرين به محض ذيول، والتاريخ الذي تجرجرونه وراءكم ذيول والأمان الذي تبحثون عنه ذيول..
تنسجون ذيولكم من الأكاذيب..
أنتم ذيول كاذبة تهش على سراب الأزمنة وتحرّض أوهامها!
وبعد ان انتهى من كلامه بصق على وجهي وخرج.
في الصباح استيقظتُ على أصوات وضجيج في المدينة، كانت هناك مسيرة راجلة للكلاب السائبة وهي تحمل لافتات مكتوب عليها:
أن تعيش بلا ذيل خير لك من أن تكون ذيلا ملتصقا بمؤخرة غيرك!