1
اشتبهتْ علينا الأسماء مثلما تشابه البقر، فاكتظاظ الأسماء لا يرحم، وكلُّ يلمّع اسمه تحت سطوة ما، نوايا ما.
خديعة الأسماء فخاخ تطاردنا حتى في أشدّ خلواتنا خصوصية.
بعضهم يرى اسمه خارج مدار الاسئلة، فهو قائم بذاته، وقد ترسختْ ايقونته في تزاحم الأسماء، فمثله لا يُسئل عن اسمه!
أصبح ترسيخ الاسم شطارة وتسويقه فنا واللواذ به مهارة وخصوصا على الشاشة الالكترونية، فأينما يمّمتَ وجهك تراه يطاردك، كما يطارد الصياد فريسته.
أصبحتْ حياتنا متاهة في أنفاق الأسماء وكل اسم يقول لك ان الخلاص يكمن في حروفه وحدها، فهو الذي يدلك على نفسك المتزحزحة في صحراء الوجود ويفسر لك ما عُميَ عليك وينقلك الى السماوات العلى.
الأسماء المريبة تصدّرتْ الواجهات.
نتقافز بين الأسماء مثلما نتقافز في حقول الألغام، فبعض الأسماء محتقنة أكثر مما ينبغي، ولا تحتاج إلاّ الى لمسة تحرش خفيفة لتسرّب احتقانها.
أحيانا تتساءل وببراءة: ما معنى أن يصر البعض على ان يكون اسمه ماثلا في مزادات القول أشبه بلعنة؟
انه يريدك أن تكون صدى لأقواله، وكأنه لا يستطيع العيش بدون الاطراء والصفير وتعليقات الفيسبوك.
ثمة أسماء تمر عليك مرّ النسيم وثمة أسماء تصفعك بشراسة أشبه بكوابيس مُهدّدة.
عندما يخلع التاريخ أسماله ترتديها الأسماء الطافية على السطوح!
هناك من يستوطن اسمه ليجعل منه مستوطنة يستدعي اليها الأسماء التي لا تهش ولا تنش لتكون له بوقا في شتى محافل القول.
أسماء تورثنا ضجيجها اليومي واستلابها، فاغرة أفواهها مثل كلاب مسعورة يجأر نباحها في العقول.
لقد أصبح الاسم أشبه بحصان طروادة يُخبّئ في داخله مكر صاحبه..
أسماء تتخفّى خلف تشبّحها لتسطو على دور الشبح فيها.
أترى هذه الاسماء تجاهد نسيانها بمجرد أن تنزاح من الواجهة؟
2
هل يكون الادّعاء متنفسا لما يعانيه المرء من احباطات؟
هل أضاع اتجاهه في الحياة ليجدها في الضجة التي يصنعها من حوله؟
بعضهم يتلذّذ بتعذيبنا باسمه، فهو دائم الاشتغال عليه وتلقيحه بتصفيق الآخرين.
المبدع الحقيقي زاهد بالاسم والشهرة، أما الموهوم فينشب كلاليبه في كل لمعان، ظنا منه بوجود كاميرا تلتقط له صورا!
فالشهرة ليست غاية لذاتها وليست مصنعا لانتاج الأسماء المزيفة وتسويقها، وانما هي صدى للنشيد الروحي الذي تبثه هذه الأسماء.
فالمبالغة في تزيين الهندام وتهيئة القناع الخاص لكل حفلة تنكرية لا يصنع اسما!
تلك الأنا المهووسة بالشهرة تسعى الى استمالة الجمهور اليها، أما الذي ينأى بنفسه عنها فهو خارج عن بيت الطاعة وكل من لا يصفق لها فهو ناشز، لطخة في بياض شهرته، لذا وجب حذف اسمه من قائمة أصدقاء الفيسبوك، مثلما حذفني بعضهم!!
هناك فرق بين المشهور و" الشهِيرة ".
الشهِيرة هو المفضوح في ذاته وغالبا ما يكون فرجة مجانية للجميع ومساحة هائلة للتندر والسخرية المريرة التي تثير الشفقة.
يروّج كذبته ليحيلها الى بديهية من البديهيات، وما ينهشه من لحظاتنا يضيفه الى قاموس فخامته.
ينفخ في اسمه بلا انقطاع ويحشد الجهات الأربع على أن تنفخ فيه.
اننا بحاجة الى مكانس عملاقة لنكنس هذه الأسماء التي لا تفعل شيئا إلاّ اثارة الغبار من حولنا.
رويَ أن أعرابياً بالَ في ماء زمزم، فقام الناس عليه وأمسكوا به، وقالوا: ما حَمَلك على ذلك؟
قال: أحببت أن يذكرني الناس ولو باللعنات!!