تنويه: (انا انطلق بتدوين هذه المعلومات والاستنتاجات، من خلال بحوثي عن تاريخ اليهود الاصليين في العراق والعالم العربي والعالمي، متجردا من النظرة السياسية في هذا البحث).
المدخل
يذكر الباحث المسرحي العراقي المرحوم احمد فياض المفرجي في تطرقه الى الحياة المسرحية في العراق قائلا: بان الدراسات العراقية والعربية والاجنبية، اكدت على ان العراقيين القدامى الذين عاشوا ماقبل الميلاد، قد عرفوا اشكالا ذات طابع مسرحي، وقدمت تلك الدراسات، شواهد قائمة على وجود المسرح في العراق القديم، كما في بابل والوركاء، ويضيف ايضا:
اننا قد بلغنا حالة جديدة في الموقف من موضوع الجذور والمظاهر هي اقرب الى القناعة بان بلاد الرافدين وفي عصورها المختلفة لا تخلو من الفن المسرحي (المسرح الذي امتلك مقومات شكله الفني، واخص منها) النص والمؤدي والمكان والجمهور .
المسرح العراقي وبداياته التاريخية
كنا في اعداد سابقة من صحيفتنا الغراء تطرقنا الى بداية وجود مسرح عراقي امتد منذ العصور القديمة متاثرا بالحضارات المتزامنة معه من عروض اشبه ماتكون لطقوس دينية كانت تقدم الاحتفالية للالهة وفي ايام محددة من ايام السنة، وكما كان موجود في المسرح الاغريقي واليوناني، فكذا الحال مع المسرح العراقي والذي اثر في بقية الحضارات المتعاقبة مع الزمن، فلو تطرقنا الى الحكايات التي تناولها الكتاب المقدس (العهد القديم )لوجدنا من خلالها مقومات وعناصر السرد الحكواتي والتي تصلح لاعداد منها نصوص حوارية كانت تلقى عن طريق ممثل واحد او اثنين، الا ان التاريخ لم يذكر شيئا من هذا القبيل، انما اجتهادات المعنيين في شؤون المسرح العراقي وشواهد عديدة اثبت هذا التاثر ومن خلال طقوس بابلية واشورية كانت تؤدي فرائضها الطقسية وعن طريق كهنة المعبد ليكونوا وساطة ارتباط مابين الانسان والالهة عبر تقديم هذه الفرائض الطقسية، والاثار من المنحوتات خير شاهد على شواهد الفن في العراق، وبما ان الفن لا يجسد اهدافه ومضامينه السامية الا بالشكل والمتوافق مع المضمون، ولان شواهد التماثيل المنحوته مازالت باقية الى وقتنا الحاضر (قبل ان تدمر من قبل الدواعش) اضافة الى كل هذا شواهد من الرقم الطينية والمدونة فيها الملاحم والقصائد الشعرية، وبما ان اصل الدراما ونشأتها بالقصائد الشعرية كما هو المعروف في المسرح الاغريقي واليوناني، والحضارات القديمة متاثرة ومؤثرة مع بعضها، ولهذا لا استبعد عن وجود الدراما في حضارة وادي الرافدين مدونة في رقم طينية وعن طريق القصائد والاشعار، والتي اندثر معظمها ومع مرور الزمن وبفعل عوامل الاندثار والتغيير الجيولوجي وعوامل الطبيعة وفعلها في التعرية والاندثار لهذه الرقم الطينية الا ان بعض الشواهد والدلائل تثبت على وجودها مبرهنة على ان وادي الرافدين وفي الاحقاب الزمنية، اي ماقبل الميلاد، لم يخلو من حركة طقسية فيها شيئا من التمثيل والحوار والممثل والجمهور، وهذا كله كان يتم وعن طريق الكاهن والذي هو الممثل، والحوار في القصائد والملحمات البطولية لالهة بابل واشور، والجمهور المتلقي، والذي هو نفس الجمهور والذي جاء ليشارك في عملية اقامة هذه الطقوس الذي يقدسها، وهنا يجدر بالاشارة ان هذه الفرائض من الطقوس البابلية والاشورية، تتضمن بالافعال والاحداث تاثيرات ايجابية على الجمهور المتلقي.
ومن خلال الفعل ورد الفعل والتي من خلالها تتم عملية التنفيس والتطهير كما هو الحال في المسرح التقليدي، وهذه التكهنات والتي اجزم على انها هي نفسها تعني فنون المسرح ونشاته في وادي الرافدين من خلال وجود مدرجات بابل الاثرية، ووجود اثار حركة فنية تشكيلية عبرت ومن خلال منحوتاتها اشكالا ذات مضامين رمزية عبرت عن قوة الامبراطورية الاشورية ومن خلال ثورها المجنح، والامبراطورية البابلية وتمثال اسد بابل وملحمته الرمزية، وكذلك القيثارة البابلية والتي هي شاهد ايضا من شواهد وجود الفن في حضارة وادي الرافدين، حيث ومن خلال هذه القيثارة التي كانت تصاحب ابيات من القصائد الغزلية ذات الشجون العاطفي والملحمي، والتي كانت تعبر ومن خلال مفردات كلماتها عن المديح والثناء لقادة اشور وبابل، والرقصات الجميلة التي كانت تؤدى بحركات يشوبها شيئا من جمال الرمز والتعبير والمصاحبة مع الايقاعات والمؤثرات الاصطناعية من مشاعل وابخرة.
فجميع هذه المؤشرات والعناصر تدل على وجود فن المحاورة والالقاء المبالغ فيه، ومع وجود العواطف في الالقاء والفعل ورد الفعل ومن خلال الراوية للاحداث المعاصرة في ذالك الوقت، ان كانت واقعية او ميتافيزيقية، والمصاحبة مع تحريك الاجساد بشكل جمالي فيه من دلائل الرمز والايماءة التعبيرية، كل هذا كان موجود في مسرة تاريخ العراق القديم.
السبي الاشوري لليهود
من اسباب هذا السبي هو تحالف دولة اسرائيل مع اعداء الامبراطورية الاشورية، مما دفع الامبراطور الاشوري سرجون الثاني لاعلان الحرب عليهم، وانتصر في حربه هذا وجيىء بالاسرى من اليهود واخذهم معه الى امبراطوريته، ومما يجدر بالاشارة الى ان اساليب تقديس حكاياتهم، وعن طقوسهم الخاصة في اشور وبابل جاءت عن طربق انبيائهم المسبيين ومنهم:
حزقيال -- كان من جملة سبي نبوخذ نصر، وقد جيىء به الى العراق وسكن على على ضفاف نهر الخابور، واصبح هو محط انظار اليهود المسبيين، حيث كان يكثر في تيشيره بالخلاص اذا عادوا الى التوبة والغفران، ولهذا ايضا كان له اسلوب اشبه مايكون بالدراما من حيث الاداء وتوصيل المضمون ليؤثر في هذا الحشد الغفير من اليهود (مسرح المونودراما).
عزرا -- الكاتب اليهودي والذي حاول دعم المسبيين من اليهود في بابل وانشاء كنيست لهم في فيها لممارسة الشعائر بدلا من الهيكل في اسرائيل (مسرح مونودراما).
دانيال -- الذي نجح وباساليبه للوصول الى بلاط نبوخذ نصر ومع من تبعه من انصاره والذي من خلالهم بسط نفوذه على المسبيين من اليهود واخذ بنشر مراسيم طقوسهم الدينية بالاساليب المعهودة من الصوت والالقاء والاندماج ومن خلال الافعال وردودها الانعكاسية وما تخلقه عملية الاداء في خطاباتهم للتاثير المباشر على اليهود المسبيين واعادة امجاد طقوسهم الدينية اليهودية في اشور وبابل، هذه الاساليب الطقسية اضافة الى وجود اساليب في اجراء مراسيم الطقوس البابلية والاشورية، استدعت لوجود مدرجات من الاعلى مرتفعة لتنتهي الى الاسفل بمنصة يقف عليها الكاهن او النبي او الشاعر ليؤدي مهامه الطقسية، وفي هذا حصلت في تاريخ اشور وبابل تجربة رائدة وجديدة اضافت اساليب طرح جديدة في مضامين العبادة الطقسية، فيها من سمات المسرح، وهذا مااكدته قناعات بعض المؤرخين والمصادر الموثوقة، ومن ضمنهم قناعتي وايماني بما شرحت ودونت في بحثي هذا.
السبي البابلي لليهود
مهما حاول بعض المؤرخين من اليهود تشويه الحقائق والتغيير في جغرافية التاريخ وتحوير احداثه، تبقى الشواهد من الاحداث الدليل والبرهان على حقيقة هذا التاريخ البابلي، وحملة السبي وبقيادة نبوخذ نصر الذي حاصر مدينة اورشليم وردم هيكلها وسبي عددا كبيرا من اليهود وساقهم الى بابل مستغلا ماعندهم من الثقافة في القراءة والكتابة مستعينا بهم بتعليم البابليين لهذه اللغة، ونحن نعلم بان اليهود هم اصحابي الكتاب المقدس (العهد القديم) والمليىء بالحكايات والنبوؤات وعن لسان انبياء تلك الحقبة من الزمن في اسرائيل، وهؤلاء الانبياء ولا سيما (اشعياء وصموئيل) كان لديهم طريقة واسلوب في توصيل تنبؤاتهم الى المتلقي( الجماهير المحتشدة في المعبد) فيه شيئا من المبالغة وضخامة الصوت والاندماج مع مايطرحونه من تنبؤاتهم على الملاء من اجل التاثير والردع لهذه الجماهير من ارتكاب الاخطاء والاثام حرصا من غضب ونقمة الالهة عليهم (اشبه بمسرح المونودراما ذات الممثل الواحد)، ويهود تلك الفترة من الحقبة الزمنية كانوا يتاثرون ومن خلال هذا الاسلوب والذي لم يكن يخلو من الترهيب والترغيب، والردع من ارتكاب الخطيئة والاثام بانواعها، فبالتاكيد كان اسلوبا يعتمد على الصوت الضخم والالقاء البليغ والمؤثر، والتفاعل مع الحركات الجسدية، وتكييف الخطابة لنقل تنبؤاتهم، وفي نظري هو هذا جزء من ملامح التمثيل بمقوماته وعناصره في الشد والتشويق والترهيب من اجل التاثير على احاسيس هذه الجماهير المحتشدة والمنصتة لهذه النبوءة، وهو معتلي اثناء القائه لهذه النبوءة على منصة عالية (المذبح) والتي تعتبر في مرحلة من مراحل جغرافية المسرح (المنصة)وبقي هذا الاسلوب في الطرح سائدا بهذا الشكل، وكما كان موجودا في المسرح الاغريقي واليوناني ومن خلال شعراء تلك الحقبة الزمنية (سوفوكليس ويوربيدس واسخيلوس) واساليبهم في الطرح والتي كانت ايضا عن اقامة طقوس دينية غايتها من هذه الطقوس تمجيد الهتهم، وهكذا تبقى الحضارات مؤثرة ومتاثرة فيما بينها في الاساليب فقط ومع اختلاف المضامين، انما لم تكن تبتعد عن شدة تاثيرها على المتلقي من الجماهير المحتشدة في التنفيس والتطهير.
الحياة الثقافية في العراق واثر مساهمات اليهود فيها حينما نبحث في احداث تاريخ العراق، ونتعرف على شعبه من اليهود والمسيحيين والمسلمون والذين قدموا من شبه الجزيرة العربية، واستوطنوا العراق.
نجد انصهار هذا التنوع الديني ومعايشة بعضهم البعض في وحدة وطنية متماسكة، هدفهم البحث عن وسائل العيش كل وحسب طريقته الخاصة، متحدين لمقاومة الظروف القاسية والتي المت بالعراق من الكوارث والمأسات نتيجة الحروب التي انهكت هذا الشعب المسالم، هدفه العيش في ارضه بجو يسوده السلام والطمأنينة، لا يبالي الا في تكييف حياته الثقافية والاقتصادية وانشطته الاجتماعية.
ونحن هنا مايهمنا هو الحياة الثقافية للعراق ومساهمة كل فئة من فئات هذا الشعب في كيفية تطوير هذه المسارات الاجتماعية وبموجب تاثيرات البيئة على مستوى تفكيرهم وانشطتهم، ومتاثرين ايضا بالظروف الاقتصادية والسياسية والحالة الامنية والاستقرار الاجتماعي لشعبنا العراقي ومنذ القدم.
ولعل مايميز اليهود في العالم العربي والعالمي هو ذكائهم الخارق وثقافتهم العالية في كيفية التفكير للمستقبل ووضع الحلول لكل معظلة قد تصادفهم في حياتهم اليومية والمتاثرة بالحالة الظرفية، ولعل اسباب هذا يعود الى الاستقرار الجماعي لهم في الدول العربية ولا سيما في العراق.
لقد اشتهر يهود العراق وعلى مر الزمان بالحنكة الاقتصادية والدهاء الذي ميزهم عن اقرانهم من المسيحيين والمسلمين، وحبهم للتفاعل الاجتماعي ومحبتهم للسلام الذي كان ينشرونه فيما بينهم، لا خوفا، انما حبهم العيش في مجتمع يعتمد على وحدة متماسكة بعيدة عن التطرف الديني، والانصهار الحياتي مع الطوائف الاخرى، ويعزز هذا الرأي هو ارتباط يهود العراق بالوطن الام طوال سنين اغترابهم عن العراق، ولنا ان نبحث هذا الارتباط بين مواطنين يهود هجروا من العراق الى اسرائيل مازالوا يعتزون بعراقيتهم، وحياتهم الشبابية من ذكرياتهم المتعلقة في احياء بغداد ومتمسكين في الوقت نفسه بالعادات والتقاليد الاجتماعية والحياة الاقتصادية والتي توارثوها من العراق، وهم يرددون وعلى السنتهم الاغاني القديمة والبستات البغدادية والتي اشتهرت في وقتهم وعن طريق الفنانين اليهود (صالح الكويتي وشقيقة) وكذالك المطربة اليهودية العراقية سليمى مراد (سليمة باشا) واغانيها العراقية الاصيلة في وقت كان اليهودي العراقي يتغنى ويفتخر بوحدته الوطنية غير مبالي لاية تفرقة دينية او نعرات طائفية، وانما يعيشون تحت وحدة العراق ومهتمين في البناء الثقافي والاقتصادي والسياسي والفني.
وقد كانت للمسات الفنانين والادباء وبعض الشخصيات اليهودية في مسيرة العراق الثقافية، لها اثر في تطوير هذه المسيرة والتي جائت من عمق وطنية اليهود لعراقيتهم ووطنهم الام قبل الهجرة القسرية منه.
والتاريخ والمصادر الموثوقة بها تحدثنا عن حب يهود العراق للعراق والتصاقهم بالوطن، والتي جائت هجرتهم منه قسريا ومن دون رغبتهم للهجرة الى اسرائيل.
لقد تميز يهود العراق بعدة مواهب منها الادب والشعر والاقتصاد، فعلى سبيل المثال اليهودي العراقي المولد (مير صبري) والذي ولد في بغداد عام 1911 من عائلة يهودية والده تاجر في شراء وبيع الاقمشة، ووالدته كانت تنتمي الى اكبر حاخامات اليهود في العراق.
هذا الاديب تخرج من جامعة بغداد واختص في مجال الاقتصاد، وتذكر المصادر (ويكيبديا الموسوعة الحرة) انه شغل العديد من المناصب في العراق منها، منصب رئيس غرفة تجارة بغداد وذالك في سنة 1943 وقبلها مديرا عاما في وزارة الخارجية العراقية، وقد بقي مير صبري في العراق بعد الهجرة الكبيرة التي قام بها يهود العراق في نهاية الاربعينيات وبداية الخمسينيات مع مايقارب العشرة الاف يهودي اخر حيث رفض فكرة ترك العراق والهجرة الى اسرائيل.
ولعل هذا الرفض بسبب حب اليهود للعراق، ولاسيما من الفنانين والمثقفين والادباء منهم، مما اظطر القسم منهم لاعتناق الاسلام، او المسيحية، من اجل البقاء في العراق، وهم مستمرين في ممارسة انشطتهم، ومن يعلم ماذا يظمر المستقبل لنا، قد يكشف عن اسماء من الفنانين اليهود والذين لهم لمسات ملموسة في تطوير مسيرة الحركة الفنية في العراق.
اليهود والمسرح العالمي
ابتدات فكرة المسرح عند اليهود بانتشارها في ارجاء العالم ومن خلال نظرتين، الاولى نظرة تجارية وعن طريق منتجين كانت اهدافهم الربح المادي وعن طريق تشجيع الكتاب واغرائهم من خلال عروض مادية لقاء شراء حق المنشورات الكتابية من النصوص المسرحية والروايات السينمائية، والنظرة الثانية هي تحرك النوع الاخر من المنتجين اليساريين والذين يقدسون خشبة المسرح لاعتقادهم وايمانهم بهذا الاعتقاد بان الفن ولاسيما خشبة المسرح هي منبر للتوعية الجماهيرية، وقد انتشر هذا النوع من المسرح وبلغات اليهود الخاصة، في رومانيا، وفي اوكرانيا وروسيا وبولندا والمانيا، وبالذات مدينة نيويورك مبتدئين من عام 1890 وحتى عام 1940 حيث انتشرت اكثر من اثني عشر فرقة مسرحية قدمت الكثير من العروض المسرحية والفنون الموسيقية.
وكذا الحال في بريطانيا، كانت لهم مساهمات في المسرح وبنشاط متميز، استطاعوا من خلاله ان يهيمنوا على الساحة الفنية، وبعروض امتازت بأساليب الحداثة في الشكل والمضمون.
وقد تميزت بعض اسماء الفنانين من اليهود في اوربا في الفنون المسرحية والسمعية والبصرية، وفي فن هندسة العمارة، حيث انبثق من خلالهم الفن التكعيبي والتعبيري والانطباعي والايمائي، وكذالك فنون الرسم على الزجاج وبالوان جميلة وزاهية، اضافة الى الفن السريالي والواقعي.
وانطلاقا من هذا النشاط المكثف والذي تسرب صداه الى صفوف يهود العرب في العراق وسوريا ولبنان ومصر بدأت تحركات بعض الناشطين من الفنانين اليهود بالمساهمة في ترسيخ وتطوير المسرح العربي وعلى الرغم من ظهور بعض الفئات المناهضة لهذه الحركة الفنية والمسرحية، والعمل على تشويه هدف وغاية هذا النشاط، انما المصادر والوثائق التاريخية في المراحل السابقة والاحقة برهنت على صحة هذا النشاط والبعيد عن الفكرة الطائفية وبقدر تعلق الامر بالمساعدات الانسانية لليهود وعن طريق اقامة العروض المسرحية المشتركة مع الاسلام والمسيحيين في مصر.
وقد ارادت بعض الفئات نكران ريادة مساهمة اليهود في ترسيخ مقومات وعناصر الانتاج المسرحي في العالم العربي، انما الحقائق اثبتت بان اليهود في مصر بدأوا بالمساهمة في العروض المسرحية وبشكل جماعي.
وقد شارك في تقديم هذه العروض الفنانون المسلمون والمسيحيين واليهود في الوقت نفسه، ولم يدر في خلدهم انهم كانوا يؤسسون حركة مسرحية يهودية، بقدر ماكانت اندفاعاتهم تنبع من خلال الذات الوطنية في مصر ومساهمين في هذا النشاط مع اخوانهم المصريين من المسلمين والمسيحيين، وقد تجسدت جهود اليهود في المسرح المصري من خلال المصريين انفسهم ومن خلال دعم المنتجين من اليهود الميسوري الحال ولاسيما حينما ارادت الجمعية الخيرية الاسرائيلية في القاهرة عن عزمها باقامة حفلات خيرية لمساعدة الفقراء من اليهود، فاستعان اليهود بالفنانين المسلمين والمسيحيين ومعهم اليهود ايضا، وقد برزت ضمن هذه المسيرة نجوما لامعة واشتهرت في وقتها ضمن مسيرة الفن المصري، منهم (الشيخ سلامه حجازي وجوق اسكندر فرح، وعبده الحامولي، ويوسف خياط).
ويذكر الدكتور سيد علي اسماعيل في مقال له بعنوان ( جهود مسرحية لليهود العرب) نشر في مجلة الفرجة وعلى الصفحة الرئيسية متحدثا وبتفصيل تشوبه الحقائق والتواريخ الملموسة من خلال اعمال وجهود فردية سعت للمساهمة في تطوير الحركة المسرحية في مصر قائلا: (كانت للجهود الفردية التي قام بها الممثلون والممثلات والمطربون والكتاب من اليهود في مجال المسرح الحديث في مصر لها لمسات ملموسة في تطوير وترسيخ حركة المسرح العربي في مصر، واول شخص وجدناه ساعيا بنفسه وبعيدا عن فرقة يعقوب صنوع كان المطرب الشامي اليهودي (مراد رومانو) الذي اسس فرقة مسرحية مع (سليمان القرداحي) وقدم اعمالا ناجحة طوال شهر يناير 1886 من على مسرح البوليتياما بالاسكندرية منها:
وعلى سبيل المثال مسرحيات زنوبيا، هارون الرشيد، يوسف، عنترة العبسي، تليماك، وفي الشهر التالي قام مراد رومانو بتأسيس فرقة مسرحية اخرى مع (يوسف الخياط) وقدم في الاسكندرية ايضا عدة عروض مسرحية خاصة به من على مسرح زيزينيا منها: عائدة، اندروماك، شارلمان، وفي يونيو 1886 وجدنا مراد رومانو يعمل من خلال فرقة مسرحية خاصة به على مسرح البوليتياما بالاسكندرية في مسرحية (الفرج بعد الضيق). ويذكر المصدر نفسه عن المسرحي والمطرب ايضا (زكي مراد) والد كل من المطربة والممثلة المصرية المشهورة (ليلى مراد) والمطرب والملحن والممثل (منير مراد) حيث بدأ نشاطه المسرحي عام 1959 بالغناء بين فصول العرض المسرحي، اي اثناء تبديل الديكورات وفي اثناء الاستراحات الفصلية.
ويذكر نفس المصدر انه في عام 1912 كان يشارك في بعض القطع الغنائية بجانب بعض الممثلين امثال زكي عكاشة داخل العروض المسرحية لفرقة الشيخ سلامه حجازي، ثم وجدناه ممثلا في دور واحد فقط وهو دور العاشق وليام في مسرحية (صلاح الدين الايوبي) وفي عام 1914 وجدناه يلقي الاناشيد والمنلوجات بين فصول العروض المسرحية لفرقة اولاد عكاشة، وقام بالعمل نفسه لفرقة نجيب الريحاني عام 1918، وعندما اقامت الحكومة اول مسابقة شاملة في مجال المسرح عام 1925 وجدنا زكي مراد يفوز بالجائزة الثانية للغناء المسرحي للرجال.
من هنا نتبين بان اليهود العرب من المصريين والعراقيين كانوا يتحسسون وطنيتهم ولم تثنيهم ديانتهم عن مواصلة عطائهم الفني وخدمة المسرح العربي ولا سيما في مصر، ولكم في الفنانة المصرية ليلى مراد، من منا كان يتوقع بانها كانت يهودية الدين وهي باوج قمة عطائها الفني، واخرون كثيرون من الفنانين والفنانات من اليهود المصريين ومن حملة الجنسية المصرية، حيث اشتهر منهم في عالم الفن والسينما المصرية عدد غفير من شخصيات الفن والذين انحدروا من اصول يهودية، ومنهم من اكتسب حجم كبير من الشهرة واصبح نجما فنيا من نجوم السنما المصرية، اي في حقبة الخمسينيات والستينيات ومنهم
الفنانة الراحلة ليلى مراد--
وكان اسمها الحقيقي ليليان موردخاي، والتي اشتهرت بصوتها العذب واغانيها الشجية ومنها (انا البي دليلي) واغنية (نعيما ياحبيبي، نعيما ياهنايا) اضافة انها كانت ممثلة ونجمة مشهورة من الدرجة الاولى، حيث شاركت مع المع نجوم مصر من الفنانين المشهورين في تلك الحقبة الزمنية من تاريخ مصر.
الفنانة بوليني اوديون --
والتي عرفت باسم نجمة ابراهيم، واشتهرت بادوارها المائلة للشر، مثل دورها في فيلم ريا واسكينه، والتي توفيت عام 1976 .
الفنانة نينات شالوم --
والتي عرفت باسم نجوى ابراهيم، حيث بدأت رحلتها الفنية مع النجم نجيب الريحاني في المسرح وكان من ابرز ادوارها في مسرحيةحسن ومرقص وكوهين.
الختام -- ارجو انني استطعت التوفيق في ايصال هذا البحث البسيط عن موضوع (ريادة اليهود في المسرح العراقي والعربي والعالمي)، وفي الختام يسرني ان اهنىء نفسي لمشاركتي في كتابة هذا البحث في العدد السنوي لصحيفتنا الغراء بانوراما، وكل عام وبانوراما تتصدر الصحف باخبارها الحديثة ومواضيعها الفنية والادبية والسياسية الشيقة وعلى صعيد الرقي والتالق.