الفرق بين الخيال والتخيل
ان الخيال عند الانسان هي قدرته على ان يخلق الصور في خياله والتي يمكن ان نجدها في الواقع، بينما التخيل هو تخيل الانسان لاشياء قد تكون خارقة او غير واقعية وغير متفقة مع مداركنا العقلية لكونها فوق مستوى قدراتنا في الخلق والتصنيع والتي لايمكنها ان تحدث على الصعيد الواقعي ، وعليه فان الخيال والتخيل هما قدرة الانسان على التفاعل مع نتائجهما والاستمتاع بنتائج هذه الصور الخيالية والمحفزة لقدرة الانسان على استحداثها وصناعتها، او ابتكارها وفق الامكانيات والطاقة التي يملكها الانسان في الخيال ، لترجمتها الى واقع ملموس، وعلى المدى البعيد لماضينا كان الانسان يسبح في خيال صور يستحدثها لابتكارات خيالية من الممكن استحداثها على الصعيد الواقع المستقبلي والذي نعيشه، ومن خلال نتائج البحوث والابتكارات ونتائج احدث الوسائل التكنولوجيا الحديثة لصنع ماابتكره خيال الانسان من صناعات فاقت قدرة العقل والتي ما جائت صناعتها الا من خيال الانسان نفسه، فمثلا جميعنا كنا نشاهد افلام فيها من الخيال العهلمي والتكنولوجي من امثال بساط الريح والمكناسة السحرية التي تطير في الفضاء، وهذا ما استحدثه خيال الانسان ونتائجها جائت ايجابية مع الصناعات المتطورة لاحدث الطائرات العملاقة وبانواعها المدنية والحربية، والصواريخ عابرة القارات.
اما التخيل، هي الصورة التي تاتي من خلال تفكير الانسان بصور خارقة قد يستحيل تحقيقها على الصعيد الواقعي والمستقبلي، الا انها صورة تخيل الانسان لتخلق لديه الاستمتاع بتخيلاته الغير الواقعية والتي تاتي من خلال تخيله للخوارق الغير الواقعية.
ستانسلافسكي ورايه في الخيال المسرحي
يقول ستانسلافسكي:
(ان فعل الانسان ينطلق من الداخل والى الخارج وليس العكس، لانه لولا النص والحوار الذي يخلقه المؤلف لما كان هناك فعل داخلي للممثل).
وهذا يعني لولا وجود الحوار لما كان هناك رد فعل داخلي نتيجة رد الفعل المعاكس والتي ياتي من خارج الشخصية، وعليه هنا يلعب الخيال في عملية الخلق للشخصية من خلال الكلمة السحرية التي اوجدها ستانسلافسكي من خلال مختبره المسرحي حينما قال لنسأل انفسنا كممثلين بمفتاح كلمة (لو) اي لو لم يكن النص المسرحي لما كان هناك فعل داخلي، لان هذا الفعل يخرج من الداخل وليس من الخارج وعن طريق الشخصيات في النص المسرحي، (لو) كنت طالبا ماذا كنت سافعل وكيف ساتصرف؟
(لو) كنت مجرما فكيف كنت ساتصرف، او كيف ستتصرف الشخصية على المسرح وارسم معالمها؟
وهنا يجب التاكيد على خيال الممثل في مثل هذه الحالات لخلق الشخصية المسرحية بافعالها وبمعالمها الطبيعية والنفسية والاجتماعية-- عنصر الخيال يلعب دورا مهما في عملية الخلق والابتكار والتجسيد، اضافة الى خلق حالة من الواقع الخيالي والذي فيه عنصر من جمالية التعبير الذي يخلقها خيال الفنان (المخرج) ومن خلال رؤية ناضجة فيها من ابداع التجسيد والخلق لشخصيات النص المسرحي وتحويلها من شخصيات خيالية الى شخصيات واقعية تعيش احداث ما يعرض من على خشبة المسرح.
التذوق الموسيقي، هل يبني الخيال والاحساس؟
جميعنا يعلم بان الموسيقى هي لغة سمعية وحسية، وفي الوقت نفسه هي هوية تعكس الاجواء البيئية والاجتماعية لموطنها، فمثلا هويتها تختلف باختلاف مناطقها فهناك موسيقى ريفية او موسيقى تحمل هوية المدينة او المناطق الجبلية او المناطق الصحراوية وكذالك يشمل الاختلاف الالات التي تجسد الالحان سمعيا ولهذا من خلال ثقافتنا وتعرفنا على عالم الموسيقى سيتسنى اكتساب بمعرفة هويتها ونوعيتها، ان كانت موسيقى كلاسيكية او موسيقى حديثة معاصرة، والموسيقى هي عبارة عن مؤلف لمقطوعة موسيقية متالفة من جمل موسيقية متناسقة في التون والنغم، وتاتي المقوعة الواحدة من دون احداث شرخ في ربط جملها الموسيقية وان حدث فنسميه في العرف الموسيقي ( النشاز ) .
وعليه فان في معظم المؤلفات الموسيقية والمؤثرة، تحرك الاحاسيس والمشاعر في المتلقي، وقد تنقل في الوقت نفسه خيال المؤلف الموسيقي من التخيل الفكري الى صورة جمالية لواقع جميل من خلال تاثيرات الموسيقى على تحريك المشاعر والاحاسيس لتساعد على استحظار الجو المجسد لصورة الخيال الى واقع جميل، وقد تختلف الصورة من انسان لانسان اخر وبموجب خيال كل انسان ومدى تاثراته بفعل الموسيقى لينتج عنه رد فعل لصورة جمالية كرد فعل لذالك الاحساس الذي كان السبب في خلق وتجسيد الصورة الخيالية عند المؤلف الموسيقي، انما هي بالحقيقة قد لا تتطابق مع الصورة الواقعية للبيئة المتخيلة التي يخلقها خيال الشخص المستمع او المنصت للمقطوعة الموسيقية والمتذوق لها ، لكونها صورة خيالية تاتي من ردود افعال تاثيرات المقطوعة الموسيقية عليه، وقد يكون هناك اختلاف مابين خيال المؤلف الموسيقي والمتلقي، وهذا الاختلاف مبعثه ردود افعال كل شخص وبموجب التصوير الحسي للمقطوعة الموسيقية على المتلقي.
من تجاربي
في تجارب مختبرية كنت اجريها على طلبة معهد الفنون الجميلة في بغداد (قسم السمعية والمرئية) حيث كنت اطلب من كل طالب ان يغمضوا جفونهم، وهم في حالة الاسترخاء، وبعدها كنت ادير الة الريكورد (المسجل) ليستمعوا الى قطعة موسيقية تنبعث من المسجل، وبعدها اطلب من كل طالب ان يرسم الصورة الخيالية التي استحضرتها المقطوعة الموسيقية في خيالهم، بعد ان اساعدهم على الانتقال الى مكان اخر وهم معصوبي العينين، ومن ثم اطلب منهم فتح اعينهم ومقارنة الصورة الواقعية التي هم فيها مع الصورة الخيالية التي استحضروها وعن طريق المقطوعة الموسيقية، ليتفاجئوا ومن خلال المقارنة مابين الصورتين، الواقعية التي يعيشونها ومابين الصورة المتخيلة وعن طريق استماعهم الى المقطوعة الموسيقية ومدى تاثير هذه المقطوعة على استحضار الصورة الخيالية الغير الواقعية، ومدى تاثير الموسيقى على المتلقي في خلق صورة خيالية استحضرها وفق الاحاسيس والمشاعر التي يملكها، قد تكون صورة قبيحة او جميلة، وهذا يعود الى الفعل الذي ينبعث من المقطوعة الموسيقية على المتلقي في خلق صورة خيالية كرد فعل للمقطوعة الموسيقية.
اذن، كما ذكرنا بان الموسيقى هي لغة سمعية تساعد الذهن على رسم صور ينتجها خيال الانسان من فعل خارجي، وقد تتأثر هذه النتائج سلبا او ايجابا .
وفي موقع المنال وبقلم الدكتور مازن المنصور كتب مايلي:
بعد دراسات دقيقة أجريت من قبل علماء النفس تبين لهم أن للموسيقى اتصالا مباشرا بالناحية الوجدانية لدى الإنسان، وأن أعصابه تتأثر تأثرا واضحا عند الاستماع إلى ألحانها المشوقة، ولذلك أنشئت مستشفيات خاصة ومراكز للعلاج بالموسيقى يعالج فيها المصابون بالامراض العصبية والعقلية.
وكثيرا ما يتضح بعد أن يفحص المريض فحصاً دقيقا أن علاجه لايحتاج إلا بضعة برامج موسيقية تتناسب مع قوة أعصابه أو ضعفها، فالموسيقى للمرضى دواء وللمنهوكين شفاء، لذا يجب على المرء أن يخصص جزءاً من اوقاته لسماع الموسيقى، لما لها من مزايا وفوائد متعددة، فهي تولد في النفس رقة المشاعر وطهارة الروح، وتغرس في نفس الفرد حب التجدد والذوق السليم.
كما أنها تفرج عن الإ نسان الهموم والأ حزان، وتساعده على تمضية أكثر العمر فرحا وطربا
اذن الخيال والتخيل في العمل المسرحي له مردوداته الايجابية منذ القراءة الاولية التي يبدأها الكادر المسرحي من خلال الطاولة المستديرة.
فالطاولة المستديرة في قراءة النص المسرحي تلعب دورا في استحداث الصور الخيالية لشكل وطبيعة العمل المسرحي، وهذا يشمل الشخصيات المسرحية، او الصورة المتجسدة من على خشبة المسرح، والتي تاتي من بنات خيال تاثير خياله على ردود افعاله لتجسد رؤية مسرحية ذات نتائج ايجابية في التجسيد للمخرج في الاخراج المسرحي.
انما ومع المزيد من الاسف ان معظم الكادر من الممثلين والمشتركين في عمل ما يفظلون البدء في الحركة على المسرح ومن غير الرجوع الى الطاولة المستديرة ومناقشة النص والاستفادة من هذه القراءات الاولية، ولما لها اثار ايجابية على خلق حالة الابداع والابتكار الذي يأتي من جراء خيال كل فنان تساعده على خلق الشخصية قبل الدخول بالمراحل الاحقة للعمل من على خشبة المسرح.