اشعاعات الاعلام تشع من اشعاعات روادنا المبدعين
من مذيعي اذاعتي بغداد وصوت الجماهير
وسمفونية اسمها لحن الخلود
الذي يطلع على مسيرتنا الاعلامية في العراق، سيتوقف عند تجربة راسخة مبنية على تجربة روادنا من الاعلاميين الرواد والذين اغنوا مسيرتنا الاعلامية بالخبرة والتجربة المتميزة بالثقافة الاكاديمية من حيث اللغة العربية وقواعدها السليمة، اضافة الى ملكة في الصوت والالقاء لمفردات الكلمة واسلوب نطقها الصحيح والمبنية على ثقافة اكتسبوا منها مااهلتهم للابداع والتالق في مسيرتهم الاعلامية.
هؤلاء الرواد، كان همهم الحرص على نجوميتهم في هذه المسيرة الاعلامية، ساقهم تواضعهم الى تسلق سلالم النجومية الاعلامية، اصوات نافست اقرانهم من المذيعين العرب، بل تجاوزتهم في حقل الابداع والتالق، وبهذا كانت لهم مدرسة جائت من حصيلة مسيرتهم الثقافية والتخصص العلمي في اللغة العربية وقواعدها السليمة في النطق والتشكيل اللغوي، كان حبهم لحرفيتهم سبب نجوميتهم في المسيرة الاعلامية، فبزغت اصوات لامعة ذات هوية يتعرف المتلقي على اصحابها ومن دون ذكر اسمائهم ولا سيما في البرامج الاذاعية.
لقد تميزت مدرسة الاعلاميون من مذيعينا الرواد ولا سيما في السبعينيات وما قبلها بالابداع والتالق، هذه المدرسة التي اغنت المسيرة الاعلامية في العراق وعلى صعيدي الاذاعة والتلفزيون ببرامج اذاعية وتلفزيونية كان مقدموها السبب في زيادة نجاحها لما لديهم من الكفاءة والحرفة والتي صنعت منهم نجوما لامعة يشار لها بالبنان، كانوا يتميزون بحضور اجتماعي وثقافي.
هؤلاء الرواد لم يتجرؤون على الجلوس خلف مايكرفونات الاذاعة والتلفزيون الا من خلال مرورهم باختبارات لجنة فحص الاصوات واختبار ثقافتهم في اللغة العربية وبيان مدى صلاحية اصواتهم ووسامة اشكالهم ولا سيما في التلفزيون، ومن ثم وضعهم تحت التجربة لبيان مدى التزامهم ونجاح مهامهم في حرفيتهم الاعلامية ومن ثم يقررون تثبيتهم بوظائفهم الاعلامية كمذيعين ومقدمي برامج بعد تصنيفهم وبموجب صلاحية اصواتهم للبرامج السياسية والاخبارية والمنوعات والبرامج التنموية وغيرها، ومن هنا تبدأ عملية انطلاق اولى خطواتهم باتجاه اكتساب الخبرة والتجربة والمهارة الحرفية في تدريب الصوت والالقاء بدورات منتظمة تهيئها المؤسسة العامة للاذاعة والتلفزيون وعن طريق معهد التدريب الاذاعي.
ومن هنا يبدأ كل مذيع بفتح ابواب التالق والابداع على مصراعيه ليدخل عالم النجومية الاعلامية التي يكتسبها من البرامج التي يقدمها ويشتهر بتقديمها، حيث يبدأ كل مذيع تخصصه وبموجب مايملكه من موهبة الصوت ومرونته وثقافته العامة ولا سيما في الالقاء الصحيح ومعرفته والمامه في كيفية لفظ الكلمات ونطقها بصورة صحيحة مراعيا فيها مخارج الحروف الصحيحة وبانواعها منها الاحرف الفكية والغنية والمدغومة والشفوية والحلقية ومابين الفكين، اضافة الى احكام الادغام والغنة، واحكام التوقف ومراعات الاشارات وتجسيد كيفية القائها لتساعد على تجسيد مدلول الكلمة او الجملة منها الفارزة وعلامات التعجب والاستفهام والفارزة والنقطة، وكل منهم اضافة الى تجسيد مدلولات المعنى للكلمة او الجملة لتساعد المذيع في عملية التنفس القصير او الطويل في عمليتي (الشهيق والزفير).
كانت مهمة روادنا صعبة جدا، مهنة لا يستهان بها ولاسيما كانت البرامج تخضع للمراقبة اثناء البث في الجو من قبل المسؤولين ومحاسبة المقصرين، انما هذا الحرص في اداء مهمة المذيعين الرواد لم يكن خوفا من مراقبة المسؤولين وعقابهم، وانما خجلا من زملائهم وحرصا على ان لا يستهينوا بهم، ولذلك كانوا حريصين اشد الحرص في قراءاتهم للبرامج والتي يتطلب منهم مراعات اللغة العربية في الالقاء السليم واللفظ الذي يعتمد على تصوير الحرف تصويرا صوتيا ومراعات القواعد العربية بالشكل الصحيح.
انا اتذكر مرة كان المذيع المرحوم محمد علي كريم وهو يقرأ احد برامجه في ستوديو رقم (2 ) الاذاعي، وكان بمعيتي المشرف اللغوي المرحوم الاستاذ حسن القريشي هذا المشرف كان كفيف البصر وسلاحه في الانصات اذانه وتعابير وجهه لرصد الاخطاء عند المذيعين، وصادف ان اخطأ الاستاذ المرحوم محمد علي كريم في قراءة جملة بشكل خاطىء، وعل مااعتقد بان المذيع رحمه الله كان يشك في صحة قرائته، وتاكد من شكوكه من خلال تعابير وجه الاستاذ حسن القريشي وامتعاضه، فعلى الفور توقف المذيع المرحوم وكلم الاستاذ حسن القريشي بقوله:
ها استاذ حسن، فما كان من الاستاذ حسن الا ان يواجه المذيع المرحوم محمد علي كريم بابتسامته المعهودة ويخبره عن الخطأ الذي اقترفه في القراءة، عندها عاتبه المذيع المرحوم محمد علي كريم اويخبره بانه لو لم تنبهه تعابير وجهه وامتعاضه كرد فعل على هذ الخطأ لاقترف بحقه جرما لا يغتفر، والتمسه برجاء طالبا منه تنبيهه على اي خطأ يصدر منه في الالقاء وتنبيهه عليه، فعندها شكره الاستاذ حسن القريشي على هذا التواضع الذي اتصف به هذا المذيع العملاق بصوته وتجربته وثقافته اللغوية. كانت مسيرة روادنا من المذيعين مبنية على اسس قويمة اساسها الاكتساب الثقافي معتمدين الخبرة والتجربة في حقل هذه المسيرة، غايتهم من هذه المسيرة تطويرها وخدمة الاعلام بصدق المشاعر والاحاسيس المبنية على حب المهنة الاعلامية.
كانت اسمائهم نجوما لامعة في سماء الاعلام العراقي والعربي ومتسمة بالابداع والتالق، وعلى هذا الاساس بزغت نجومية اصوات شنفت اذان المستمعين لاذاعتي بغداد وصوت الجماهير من خلال برامج متالقة منها نادي الاذاعة والذي كان يعده ويقدمه المذيع الرائد جنان فتوحي، وكذلك برنامج السينما والاذاعة والذي كان يعده ويقدمه المذيع الرائد محمد علي كريم، وبرنامج الرفوف العالية والذي كان يعده ويقدمه عبد الحميد الدروبي، وبرنامج من وحي الايمان والذي كان يعده ويقدمه المرحوم حسين حافظ، والبرامج الاخبارية والسياسية والتي كانت بصوت المذيع الرائد حافظ القباني، ومذيعون لمعت نجوميتهم في تلك الحقبة الذهبية من مسيرة الاعلام العراقي وفي اذاعتي بغداد وصوت الجماهير وعلى شاشة تلفزيون بغداد منهم:
- سعاد الهرمزي،
- عبد الكريم الجبوري،
- ابراهيم الزبيدي،
- الحاج غازي فيصل،
- صباح الربيعي،
- فارس البغدادي وشقيقه غازي البغدادي،
- الاستاذ طويل العمر خالد العيداني
- المرحوم بهجت عبد الواحد،
- ياسن الخلاني،
- المرحوم زهير عباس
اضافة الى كونه مخرجا اذاعيا وممثلا لامعا، وشقيقه المغترب حاليا انور عباس اضافة الى كونه مخرجا لامعا الا انه صاحب صوت جميلا لامعا، والاسماء طويلة لا يحصرني ذكرها بقدر ما ساخصص لهم بحث تفصيلي متناولا من خلاله تجربة كل مذيع وبرامجه التي كانوا يعملون عليها.
كانت هذه المسيرة الاعلامية تزخر بالعطاء من ينبوع الابداع، حيث لم يقتصر هذا التالق على المذيعين فقط، وانما بزغت اصواتا تالقت في سماء الاعلام العراقي منهن كلادس يوسف وامل القباني وامل المدرس والمذيعة المرحومة فريال حسين زوجة المرحوم خالد ناجي معد برنامج عدسة الفن والعزيزة المذيعة المقتدرة هالة عبد القادر، وينبوع العطاء المذيعة صباح الدليمي، والفنانة المخرجة المتالقة منى البصري اضافة كونها مخرجة اذاعية كانت تملك صوتا جميلا يعطر من خلاله اثير الاذاعة ومن خلال برنامجها لك يا سيدتي والعزيزة مقدمة البرنامج ليلى الحمداني زوجة الفنان الرائد المرحوم صادق علي شاهين وبشرى علوش وبان الراوي زوجة المذيع المتالق ياسين الخلاني، والمذيعة المتالقة سهاد الجميلي، والرائدات المبدعتان والمتالقتان في سماء الاعلام العراقي سهام مصطفى (ام رضوان) وسهام محمود (ام يعرب).
ومن ثم جاء الرعيل الثاني من المذيعين الشباب والذين تاثروا بمدرسة الرواد واكتسبوا منها خبرة زادتهم تالقا ووهجا اعلاميا، ومن خلال اصواتا تميزت بمقومات وعناصر الالقاء الجيد، كانوا جميع مذيعي بغداد وصوت الجماهير يعزفون سمفونية اسمها لحن الخلود والتي لا تموت، كاصواتهم والتي مازالت عالقة في اذهاننا والى الابد.