الذي يتابع حرفية تمثيل الفنان سليم البصري ولا سيما في مسلسل تحت موس الحلاق سيجد ان هناك شخصيتان مترادفتان في المعالم الطبيعية والنفسية والاجتماعية، هاتين الشخصيتين الحاج راضي والفنان سليم البصري يربطهما رابطة الخبرة والتجربة الحياتية والمكتسبة من الواقع الاجتماعي الشعبي البغدادي ليعزف الفنان سليم البصري سمفونيته الخالدة بمسلسل (تحت موس الحلاق) بالثنائي مع الصانع المشاكس والذي يتفاعل الغباء من اجل اغاضة الاسطى الحاج راضي وتوريطه في مشاكل هو بالغنى عنها، وهاتين الشخصيتين هما شخصيتان استحوذتا على اعجاب الجماهير من المشاهدين والمعنيين بالصحافة والاعلام وهم يراقبون تجربة رائدة لمدرسة التمثيل الحرفي والبعيدة عن الافتعال والتشنج بقدر ماهي شخصيات (سليم البصري وحمودي الحارثي) تلقائية الاداء التمثيلي تعيش حالة من التعايش مع الصور الشعبية البغدادية والمختزنة في ذاكرتيهما واستحضارها عند الحاجة لها وبمساعدة الاجواء الواقعية من الديكور والازياء الشعبية لتعبر عن هذه الصور المختزنة لديهم والمستمدة صورها من البيئة والواقع الذي تعايشوا معه لتترجم الى واقع ملموس من خلال رؤية جميلة فيها من الابداع والتالق لتعطي صورة فيها من التعبير الصادق نتيجة ردود افعالهم الصادقة ومشاعرهم والتي تتجسد من خلال افعال الشخصية وحركاتها التلقائية والتي فيها شيئا من البساطة وانما هي عبارة عن تلاحم حرفية مهاراتهم التمثيلية والتي توافقت مع تخيلهم وخيالهم الخصب في رسم معالم الشخصية الواقعية وفق تحليلاتهم العلمية في ايجاد ابعاد شخصيتهم الطبيعية والنفسية والاجتماعية لتعطي صورة جميلة لشخصية الحاج راضي اضافة الى شخصية عبوسي – وبما انني الان في صدد تناول شخصية الفنان سليم البصري لذا ساتجاوز شرحي عن الفنان المبدع حمودي الحارثي وسانفرد في هذا المقال فقط بشخصية الحاج راضي الفنان الرائد والذي رسخ اسس مدرسة انتهجها في اسلوب تمثيله والذي انفرد بها ومع كبار الممثلين من الرواد من امثال الفنان العملاق خليل شوقي والذي اثبت انه عملاقا في تجربته وحرفيته في مسلسلي النسر وعيون المدينة والذئب وعيون المدينة من خلال شخصية قادر بك – وكذالك الفنان الرائد رضا الشاطىء في مسلسله المشهور(العرضحالجي في شخصية ابو محمد).
ستانسلافسكي والصدق الداخلي
يقول ستانسلافسكي في هذا الخصوص: لم تعد هي واقعية البيئة او الصدق الخارجي، بل هي واقعية الصدق الداخلي في حياة النفس الانسانية، واقعية المعايشة الطبيعية التي تتفق بطبيعتها مع مشارف المذهب الطبيعي الروحي. وعليه فقد حرص الفنان سليم البصري على عمله كفنان (ممثل) ان يتعامل مع نفسه بمصداقية المشاعر والاحاسيس الداخلية حيث اكد على المعاناة الابداعية باحاسيسه الصادقة من خلال تفاعله مع الشخصية بمعايشة حقيقية فيها من صدق المشاعر والاحاسيس الداخلية لتخرج بردود افعال متجانسة ومتطابقة مع الرؤية الصحيحة في عملية تخيله للشخصية المراد تسخيرها وعلى ضوء ردود افعاله الداخلية من المشاعر والاحاسيس الداخلية لتدفع بالممثل ان يتحرك بحركات جسده وفق هذه المشاعر، وهذا بالطبع لا يتم الا من خلال معايشة الممثل مع الواقع والبيئة والحياة الاجتماعية ليجسدها في صور خارجية وبواسطة مرونة جسده وبحركات جسدية متطابقة مع صورة الخيال التي رسمها واختزنها في ذاكرته واعادها وفق حاجة الشخصية ومتطلبات حرفيته في التمثيل، وهنا احب التاكيد على ان الفنان الرائد سليم البصري لم يكن يفقد شخصيته الحقيقية كسليم لتمتزج مع شخصية الحاج راضي بقدر ماكان يعي بما يفعل عملا بمقولة معلمنا ستانسلافسكي (يجب على الممثل ان لا يندمج اندماجا كليا بقدر مايحاول مراقبة شخصيته، اي الرقيب والمراقبة) ومن ثم يقوم بتسخير شخصية الحاج راضي وفق ماتتطلبه حرفية الفن وبابداع الفنان نفسه في خلق الشخصية وعن طريق الايمان بما يفعل، فالايمان والمصداقية ان كانتا صفتان متلازمتان في حرفية الممثل عندها سيبدع في تجسيد شخصيته وفق متطلباتها الحقيقية والتي يستمدها الممثل من خلال تجاربه في الحياة ودراسته لواقع الشخصية ليبدع في حرفيته ويستحوذ على اعجاب الجماهير والمعنيين من الصحافة والنقاد بعد ان ينفرد بنفسه بهذا الابداع. ولهذا كانت شخصية الحاج راضي شخصية متسمة بالفن الاصيل جذبت جميع المشاهدين الى متابعة حلقاته من على الشاشة الصغيرة والكبيرة ان كانت في المسلسلات التلفزيونية ام في الافلام السينمائية، حيث نالت هذه الشخصية والمتسمة بالتلقائية في ادائها على اعجاب المشاهدين مما حدا بالنقاد والصحفيين والمثقفين من اساتذة المسرح على الالتفات الى هذه الظاهرة الجديدة لمدرسة سليم البصري ودعمها الدعم المعنوي ودراستها والوقوف على اسباب نجاح شخصية الحاج راضي واسلوب الفنان الرائد سليم البصري المتسم بالبساطة والتلقائية، وبعيدا عن التشنج والمبالغة في الالقاء والصوت وحتى في مرونة جسده والذي كان يتحرك وفق ابعاد مرسومة بمهارة وابداع.
البصري ومواهبه المتعددة
للفنان سليم البصري مواهب متعددة وتجارب اثبت من خلالها انه ذو امكانية لمواهب متعددة في الكتابة والتاليف، وكتابة السيناريو، اضافة الى كونه ممثلا ناجحا، وبارعا في تهيئة السينوغرافيا لمعظم مسلسلاته التلفزيونية. لقد عانق الحياة منذ ولادته في سنة 1926 في مدينة بغداد وبالذات في محلة الهيتاويين، هذا الحي الشعبي والذي كان ذا طابع شعبي وشريحة اجتماعية اتسمت بالبساطة التي ترعرع في احضانها، وتطبع على عادات افرادها وتاثر بماثرهم الشعبية والاجتماعية، وارتسمت معالم صورها الشعبية في ذهنه ليختزنها في ذاكرته ويجسدها فيما بعد بتمثيليات شعبية بغدادية يعيد من خلالها الحياة البسيطة التي كانت سائدة في احياء بغداد الشعبية ضمن الاحقاب الزمنية من حياته. لقد التحق الفنان سليم البصري بعد ان اكتشف موهبته الفطرية في التمثيل بفرقة مسرحية او بالاحرى بمجموعة فنية، (وكما هو معروف في تلك الحقبة الزمنية لم تكن توجد فرق مسرحية بالشكل المعروف وانما كانت هناك تجمعات على شكل كروبات كما كنا نحن في مجموعة المسرح الذهبي وذالك في سنة 1961 ومقرها قرب ساحة الرصافي في مكتب الفنان الراحل المخرج السنمائي برهان الدين جاسم في عمارة الدكتورة فاطمة الخرساني، وبمعية كل من الفنان الرائد عبد الجليل علي النجار، والفنانة مديحة وجدي وزوجها الفنان احمد حمام والفنان عزيز النائب والمرحوم الماكيير طه الهلالي واخرون لا تحضرني اسمائهم.
وهكذا ساقته الظروف للارتباط بفرقة مسرحية ايضا كان مقرها في ساحة الرصافي ولظروف حياتية واجتماعية كانت السبب في عدم تواصله مع المجموعة الفنية ولمدة اربع سنوات اي مابين عام 1944 - 1948 ليفاجىء جمهوره بعدئذ بمسرحية (سليم البصري في ساحة التدريب) وبالمناسبة لقد اقترن اسم الفنان سليم البصري بالبصرة علما ان المصادر تؤكد انه لا علاقة له بمحافظة البصرة بقدر ماهي محافظة من محافظة العراق، ولربما جائت كنيته بالبصري ليس لمحافظة البصرة بقدر ماكان هو لقب اكتسبه من تسلسل عائلته بالبصري اي البصير .
البصري وتحصيله العلمي
بعد ان انهى البصري دراسته الاعدادية سجل في كلية الاداب والعلوم قسم اللغة العربية حاله حال معظم فناني تلك الحقبة الزمنية 1950 – 1954 حيث تتلمذ على يدي الاستاذ جبرا ابراهيم جبرا وبعدها وفي هذه المرحلة بالذات اسنتدت اليه مهمة رئاسة المسرح الجامعي في كلية الاداب حيث قام باعداد وعرض مسرحية (فنان رغما عنه) فمن عنوانها نؤكد بانه كان من المهتمين بالادب المسرحي ولاسيما دراسته في الجامعة كانت تتناول دراسة مثل هذا الادب العالمي، ولهذا جائت هذه المسرحية والماخوذ عنوانها من عنوان مسرحية موليير (طبيبا رغما عنه) منتقدا من خلالها المذاهب والاساليب والمدارس الحديثة في الفنون التشكيلية ومؤكدا من خلالها بان الفنون التشكيلية ان لم تصل الى مشاعر المتلقي، اضافة الى هذا ان لم تجسد مشاعر الفنان ومصداقية ردود افعاله في التجسيد، وان لم تكن قريبة من ادراك المتلقي، لا يعتبر فنا اصيلا.
الماثر الشعبية وتاثيرها على مسار
حياته الفنية
لقد تبلورت رؤية هذا الفنان وتطورت مواهبه بعد ان تاثر بالماثر الشعبية واحتكاكه في احيائها البغدادية هذا التاثير وضمن هذه الفترة من حياته تمخضت عن ملحمة وسمفونية (تحت موس الحلاق )حيث عزف من خلالها بأحداث ومشاهد كوميدية ناقدة وساخرة جاءته من ابداعات خياله وشخصية شاركته هذا الابداع هي شخصية عبوسي والذي جسدها الفنان المبدع حمودي الحارثي والذي ساتي فيما بعد على تناول حياته ومسيرته الفنية ان شاء الله.
سليم البصري ومسلسل تحت موس الحلاق
في سنة 1961 اتجه هذا الاسطورة في الفن الشعبي والتمثيل التلقائي الى التاليف ومن خلال تاثيرات وايحاءات البيئة الشعبية البغدادية على اهوائه ومشاعره ووجدانه ولا سيما من واقع الاحياء الشعبية البغدادية ، فكان هذا التعايش ان تمخظ عن مسلسل شعبي بغدادي واقعي صاغ وقائع احداثه من المحلة البغدادية الشعبية ومن واقع المجتمع البسيط والذي اتسم بالبساطة ومن نفوس سادتها الطيبة والعلاقات الاجتماعية الانسانية بمسلسل ( تحت موس الحلاق ) هذا المسلسل والذي كانت تنتظره الجموع الغافرة من المشاهدين في بيوتها وفي المقاهي الشعبية والكازينوات لتشاهد نجمها المحبوب الفنان سليم البصري وبمعية الفنان حمودي الحارثي في شخصية عبوسي .
كانت شخصية الحاج راضي تتسم بالبساطة والطيبة والانسانية ، كان يظمر محبة لابناء محلته حيث كان يجتمع بابناء شريحته من الشخصيات الشعبية في دكانه البسيط ، كان اسطى متمرس في مهنة الحلاقة في دكان يقع وسط محلة شعبية ومن خلاله كان يطلع على اهم مشاكل المنطقة من الاحياء الشعبية ومن خلال فضوله وعن طريق صانعه عبوسي ،
او من خلال ماينقله ويقصه ابناء المنطقة من معاميله من سكان المنطقة ، وهكذا استطاع هذا العملاق ان يصيغ المفارقات الكوميدية ومنتقدا بعض العادات والتقاليد باسلوب كوميدي والمطبات التي كان يقع فيها وعن طريق صانعه عبوسي والذي كانت تربطه به علاقة حميمية كعلاقة الاب بابنه ومجسدا من خلال هذه العلاقة النسيج الانساني في التعامل مابين صاحب العمل وصانعه الذي كان يعتمد عليه في حل بعض الامور والتي كان يصعب عليه حلها ، هذه الشخصية الشعبية والتي كانت تظهر في عدة حالات من حالات الانسان الواقعية والملم بشتى المواضيع يعكس واقعه الشعبي والمحدود الثقافة والتي كان يعتمد على خبرته وتجربته في الحياة وعلى احتكاكه بابناء جلدته من ابناء المحلة .
اهديك نحباني للو
لقد كانت من ابرز حلقات مسلسل تحت موس الحلاق حلقة محو الامية ، وحلقة السكران والحلقة التي اشتهر من خلالها وذاع صيتها مع الفنانه المبدعة والمتالقة سهام السبتي في حلقة ( اه ديك نحباني للو ) وهو يقرا رسالة ابن سهام السبتي والتي ارسلها من الهند وبقرائته تحدث الملابسات والمواقف الكوميدية مع تدخل صانعه عبوسي في تصحيح اخطائه اللغوية في القراءة .
البصري والتلفزيون
لم يكتفي البصري بموهبته في التمثيل والتاليف التلفزيوني وانما امتدت مساحة ابداعياته مع كبار الفنانين الكبار من الفنانين العراقيين من امثال الفنان بدري حسون فريد وجعفر السعدي وسامي عبد الجميد والفنان الكبير خليل شوقي – فاضافت مساهماته في النسر وعيون المدينة والذئب وعيون المدينة وفي هواجس الصمت وغيرها من الاعمال التلفزيونية لمسات ابداعية زادت من نجاح هذه المشاركات.
البصري والسينما
حاله حال اي فنان كوميدي تتجه اليه انظار المنتجين والمخرجين السينمائيين لاستقطابه لاعمالهم السينمائية ، حيث ساهم في تطوير الحركة السينمائية من خلال اشتراكه في عدة اعمال سينمائية وابدع فيها واشتهر من خلالها بنجوميته اللامعة ومنها: فائق يتزوج، وعمارة رقم 13، والعربة والحصان، واوراق الخريف، حيث جائت مساهمته الاخيرة في تاليف احداث ومشاهد فيلم (حب في بغداد) الذي اخرجه المخرج عبد الهادي الراوي ،
اضافة ان الفنان سليم البصري قد تعاون مع العديد من المخرجين السينمائيين منهم : حكمت لبيب في عام 1984 ، والمخرج ابراهيم عبد الجليل ، والمخرج صاحب حداد .
البصري والفنانين العراقيين
كان الفنان سليم البصري رحمه الله يتصف بالاخلاق الكريمة والتواضع وبالرغم من انه فنان يشار له بالبنان ، لم يعرف الحقد يوما ، لا يحب الروتين ، يحب الامور على بساطتها والمساحة الواسعة من المعجبين لم تغير من شخصيته ولا من حبه لاصدقائه ، كان وفيا تقيا يعشق التلقائية والبساطة ، كان الفنان البصري نجما لامعا بفنه ويعد من نجوم الفن العراقي والذي لا يضاهيه اي فنان باسلوب تمثيله ، حيث انفرد باسلوبه ومدرسته في التمثيل ، وهذا ما اكده المرحوم يوسف العاني والذي كان من اشد المعجبين بتمثيله فبعد ان انقطع عن التمثيل في الاونة الاخيرة من حياته ، تابعه العاني وكان من اشد المتحمسين لرجوعه الى التمثيل ، حيث انقطع البصري عن مزاولة التمثيل لاسباب خاصة به ، وكذالك الفنان الرائد قاسم الملاك والذي صرح وعدة مرات انه فنان مبدع وممثلا كوميديا يتقن حرفيته باكاديمية عالية .
شخصية الحاج راضي
الذي يتابع مسيرة نجوم الكوميديا العربية والعالمية لسوف يتعرف ومن خلال المقارنة مابين تجاربهم ومقاربتها لتجربة البصري في الاداء كاسلوب ومدرسة ، وهناك عوامل متقاربة في تجسيد البعد الطبيعي وعلاقتها بالمظهر الخارجي للشخصية كتعريفها بهويتها وطرازها ومكانتها الاجتماعية والثقافية ، فمثلا نجد ان الفنان العربي الكوميديان نجيب الريحاني كان يتخذ من زيه الملابس الرثة والطربوش الذي لم يكن يفارقه في معظم ادواره ، وكذالك الممثل العالمي ملك السينما العالمية الصامته شارلي شابلن ، من متابعتنا لشخصيته وهويتها والتي لازمت شكلا معينا جعلت منها هوية له مثلا العوجية وقبعته وحذائه الظخم ومشيته التي عرف بها ، وهكذا كان البصري يالصاية والسترة والعرقجين البغدادي والكيوة التي كان يحتذيها في قدميه جعلت منها هوية وطرازا لشخصيته الشعبية البغدادية ، الا انه في اعمال اخرى ابتعد عن هوية الحاج راضي بعد ان اتخذ ازياء غير ازياء الحاج راضي ، ولهذا كان الفنان سليم البصري يرسم معالم شخصيته بحرفية متكاملة يراعي من خلالها البعد الطبيعي والنفسي والاجتماعي ، الا انه ظهر وبازيائه الاعتيادية في مسلسلي النسر وعيون المدينة والذئب وعيون المدينة ومن خلال شخصية غفوري بعيدا عن شخصية الحاج راضي ، يقول الفنان الرائد قاسم الملاك في احد تصاريحه الصحفية ان للبصري صحبة جميلة والحديث معه شيق حيث كان ياخذني في اثناء الاستراحة
باحاديث شيقة ومرحة وفيها شيئا من المواعظ والحكم والنقد لبعض المظاهر المدانة والتي تعشعش في المجتمع البغدادي من عادات وتقاليد بالية .
والمعروف عن الفنان البصري انه قليل الكلام بقدر ماكان يحبذ تجسيد افكاره في مؤلفاته التمثيلية ويؤمن بالعمل الجاد اكثر من الثرثرة والتي لا تجدي نفعا ،كان لا يحب الذين يخرجون عن سياق النص بارتجال حوارات لم يتفق عليها مسبقا ، معللا ذالك انها تسبب ارباكا للممثل وخيانة لامانة المؤلف في نقل وقائع افكاره ومن خلال مامكتوب في النص ، ولهذا كان دائما يوصي زملائه من الممثلين على الالتزام بالنص وعدم التصرف من دون استشارة المؤلف والمخرج .
تذكر بعض المصادر الصحفية بان الفنان سليم البصري كان موظفا في المصرف الزراعي قبل ان ينقل خدماته الى الاذاعة والتلفزيون ، حيث بعد هذه الفترة الزمنية من حياته ومسيرته الفنية تفرغ للكتابة الى التلفزيون ، ويذكر الفنان المرحوم صادق علي شاهين والذي شاركه في تمثيلية كاسب كار ، ان من طرائف المرحوم البصري حينما سافرا معا الى مصر لشراء بعض البرامج من القطاع الاقتصادي عام 1963 انهم صادفا الفنان محسن سرحان في اروقة الشركة ، وبعد التحية تم تقديمه من قبل احد الاشخاص فقال سليم البصري مقاطعا : اكو واحد مايعرفه العماد حمدي ؟ ففوجىء سرحان بكلام سليم عندها قاطعه قئلا : انا مش عماد حمدي انا محسن سرحان ، عماد حمدي عنده شنب وانا من غير شنب ، فرد عليه سليم قائلا : يللا كلكم متشابهين ، وهكذا انقذ موقفه المحرج بضحكته المشهورة .
عبوسي يودع الحاج راضي بمرارة الدموع
جميعنا يعرف المسلسل الذي سيطر على اعجاب الجماهير والذي نسجت صوره واحداث مشاهده الكوميدية بحبكة حرفية مبدعة ، واعطائها الهوية الشعبية الا وهو مسلسل تحت موس الحلاق ، والذي جسدت شخصية البصري الكوميدية والشعبية ومن خلال الازياء الشعبية البغدادية ، العرقجين والصاية والكيوة البغدادية والسترة واليشماغ ، بحيث اعطته بعدا شعبيا بغداديا ، مثل هذه الشخصيات كانت تبعث الطمأنينة للمتلقي مما تجسده ومن خلال هويتها بحيث تنقله من عصر الفلتان الامني والحروب وعدم الاستقرار الى عهد الخير والخيرات والعلاقات الاجتماعية والمبنية على المحبة والتسامح واحترام الجيرة والعشرة ومن خلال هذه الشخصية ذات الهوية الشعبية والتي عرف من خلالها هذا الفنان الاصيل بالحاج راضي .
الوداع الاخير الله وياك استاذي
كان البصري على اطلاع بالثقافة العالمية ولا سيما النصوص المسرحية ومتاثرا بها ، وقد حاول ومن خلال هذا التاثر نقل بعض الافكار بمشاهد معرقة ومعدة لواقع مجتمعنا العراقي باسلوب كوميدي ، انما معظم اعماله كانت من بناة افكاره ورؤيته الخاصة والمستمدة من
الواقع الشعبي البغدادي ،،،،، واخيرا وهو على فراش توديع انفاسه الاخيرة لم يطلب سوى عبوسي ( حمودي الحارثي ) صديقه الحميم والذي لهث انفاسه الاخيرة في مستشفى النعمان وفارق الحياة فيها قبل مجيىء الفنان حمودي الحارث اليه ، وهكذا ودع العراق وشعب العراق نجما من نجوم مسيرتنا الفنية في التلفزيون والسينما العراقية ترافقه توديعة عبوسي ( الله وياك استاذي ) .