علمتني شلون احبك ممكن تعلمني انسى
صورتلي الجنة قربك وعيني ماشافتها لسة
وعلمتني شلون احبك....
هناك داعي عزيزي القارىء ان اتحول من نشر المواضيع النقدية والتحليلية للفنون المسرحية وفي هذا العدد بالذات لاتناول موضوع الطرب والغناء في العراق مقارنة مع ماسمعناه وترعرعنا عليه وما نحن عليه من معايشتنا للواقع المرير والذي وصل عليه واقع الاغنية العراقية. في الخمسينيات والستينيات والتي عشنا فيها الطرب الاصيل في العراق من المقام العراقي والمماويل والبستات والعتابة من خلال اصوات اصيلة لمعت نجوميتها وسطعت في سماء بغداد والوطن العربي، هذه الاصوات ترسخت في ذاكرة المستمعين ورسمت اجمل قصص الحب والغرام وعاشوا معها اجمل حياة مراحل حياتهم العاطفية وهم يستمعون الى الاغاني التي شاعت بكلماتها والحانها واصوات مطربيها عبر الاذاعة والتلفزيون والملاهي الليلية، وعبر اقامتهم للحفلات الغنائية في بعض الاندية الاجتماعية وقاعات السينما في بغداد والمحافظات العراقية شمالا وجنوبا شرقا وغربا، لقد نجحت هذه الاصوات الغنائية في تجسيد وتوصيل ارقى ما توصلت اليه الاغنية العراقية وضمن تلك المرحلة الزمنية بابداع ورقي لا مثيل له، كونها كانت تتسم بالاصالة والابداع المتميز في نظم الكلمات وصياغة الحانها وتوافقها مع اصوات مطربيها من مطربي ذالك العصر الذهبي، هذا الرقي في الغناء والطرب مبعثه الاحاسيس المرهفة والمشاعر الصادقة والذوق الرفيع في اختيار الكلمات وصياغة الالحان مما اصبحت معبرة عن هوية المجتمع العراقي وبمختلف اطيافه واجناسه من الاغاني البغدادية والمصلاوية والكردية والتركمانية والسريانية.
اضافة الا انها تعبر عن الاجواء الطبيعية والبيئية والاجتماعية ولاسيما في الخمسينيات وما قبلها وما بعدها من اجواء بغداد الشعبية والريف العراقي والبدوي، وليس كما يحدث الان بـ (جنو نطو، نطو جنو) ههههههه، وقد يتسائل سائل عن اسباب تناولي مثل هذا الموضوع والذي قد يختلف عن تحصيلي العلمي والثقافي واختصاصي، فجوابي هو وبغاية البساطة، ان فكرة هذا الموضوع ساقتني في طرحها، لاقارن من خلاله مابين مسيرة مطربي تلك الاحقاب الزمنية الماضية واللاحقة، وكيف نالت اصوات تلك الفترة من مسيرة الغناء والطرب العراقي الاصيل اعجاب المستمعين والمشاهدين، وكيف كان صدى اراء النقاد في تحليل مثل هذا الفن الراقي والاعجاب بتجربة كل مطرب واسلوبه في الغناء ومن اجل تطوير الغناء العراقي، من خلال تقييم النقاد والصحفيين، وتاكيدهم على مصداقية ومشاعر واحاسيس مطربي تلك الحقبة الزمنية من مسيرة الاغنية العراقية في الاداء والغناء، ولاسيما الاغاني التي شاع صداها على السنة المعجبين ومن خلال ترديدهم لها في حفلاتهم واعراسهم ومناسباتهم المفرحة. لقد ظهر نجوما من الاصوات النسائية والرجالية متاثرين بمن سبقهم من المطربات والمطربين ضمن الاحقاب الزمنية الماضية منها سليمة مراد، زهور حسين، زكية جورج، منيرة الهوزوز، صديقة الملاية، سلطانه يوسف، بدرية انور، جليلة ام سامي -- الخ واعقبها رعيل من الاصوات الغنائية العراقية الاصيلة منها:
- مائدة نزهت،
- عفيفة اسكندر،
- احلام وهبي،
- هيفاء حسين،
- وحيدة خليل،
- انصاف منير،
- حمدية صالح،
- بنات الريف،
- وسورية حسين --- الخ.
وفي المقام العراقي ابدعت المطربة سليمة مراد ومائدة نزهة، ومن ثم تربعت على عرش المقام سيدة المقام العراقي السيدة المتالقة فريدة محمد زوجة الملحن الكبير والفنان المبدع عازف الجوزة محمد كمر.
ملحنون عراقيون من الرعيل الاول
اما من الملحنين الكبار والذين كان لهم الفضل في ترسيخ وتطوير الاغنية العراقية واكتشاف مقامات عراقية اصيلة هما الملحنان العراقيان اليهوديان الفنان صالح الكويتي وشقيقه داؤود الكويتي والذان هجرا خارج العراق حالهم حال جميع اليهود العراقيين الى اسرائيل، واعقبهم رعيل من الملحنين العراقيين منهم سعيد شابو، وجميل بشير، وشقيقه منير بشير، وسمير البغدادي (وديع خوندة) زوج الفنانة العراقية المرحومة مائدة نزهت والفنان عازف العود استاذ الموشحات الاندلسية روحي الخماش، والملحن حسين قدوري، ومن ثم من المطربين الملحنين، رضا علي، واحمد الخليل، وعباس جميل، وجميل جرجيس، ويحيى حمدي، وطالب القرغولي، وكنعان وصفي، وخليل ابراهيم، وجعفر الخفاف، ومحمد نوشي، ومحمد جواد اموري، وكوكب حمزة، وعلي عبدالله، فاروق هلال، ومحمد عبد المحسن، وحسن الشكرجي، وحسين السماوي، وكريم ديوان-- الخ.
اصوات تالقت وابدعت
لقد ظهرت اصوات شابة ابدع اصحابها وتالقوا في عالم الغناء منهم حسين نعمه، وسعدون جابر، وياس خضر، وحسين السعدي، وجاسم الخياط، وصلاح عبد الغفور، وحميد منصور وقحطان العطار، ورياض احمد، وعلاء الحداد، وصباح السهل، ومحمود انور، واحمد نعمه، وتوج اكليل المسيرة الفنية الغنائية العراقية العربية القيصر كاظم الساهر، ومن الاصوات الريفية العراقية والتي اعجبت مستمعيها ومشاهدي مطربيها كل من:
- المطرب داخل حسن،
- حضيري ابو عزيز،
- ناصر حكيم،
- عبد الصاحب شراد،
- عبد محمد،
- الثنائي عبد الواحد جمعه وجواد وادي،
- عبد الحسين اللامي،
- نسيم عوده،
- فرج وهاب،
- سعدي الحلي،
- ناصر حكيم،
- مسعود العمارتلي.
(وبالمناسبة ان هذه هي امراة اشتهرت بصوتها الريفي الجميل، ولاعتبارات عشائرية واجتماعية سميت ياسم الذكور ومستعار)، وستار جبار، ومحمد قاسم الاسمر، وعبد الجبار الدراجي-- الخ.
واصوات اخرى عراقية اتسمت بالرقي والابداع، وجددوا في اسلوب الغناء وطوروا المقامات العراقية واصول تحريرها بمدارس حديثة لم تخرج عن سمات الاغنية العراقية واصالتها، بمدارس حديثة متجددة في الاسلوب ومصاحبة الالات الموسيقية المتطورة جائت من خلال تاثرهم اضافة الى امتلاكهم لمواهب جميلة ومبدعة، فطرية اغنوها بدراسات وبحوث بحيث لمعت نجوميتهم في سماء الطرب العراقي ولا سيما المقام العراقي منهم:
- عميد المقام العراقي محمد القبانجي
- ناظم الغزالي،
- يوسف عمر،
- عبد الرحمن خضر،
- حمزة السعداوي،
اضافة الى الاصوات الشابة والتي اخذت في تحرير المقام العراقي بعلمية وثقافة اكتسبوها من خلال معهد الفنون الجميلة ومعهد الدراسات الموسيقية، فاشتهرت وقت ذاك سيدة المقام العراقي فريدة محمد علي والفنان المتالق قارىء المقام العراقي حسين الاعظمي، وقد اخذت هذه الاصوات المتالقة والمبدعة باحياء التراث العراقي الاصيل ونشر اصوله الراقي في التحرير والغناء.
البيئة وتاثيراتها
لقد سبق وان تناولت بحثا عن البيئة وتاثيراتها على الفرد والمجتمع، وها انا ااكد على ان البيئة لها تاثيرات ايجابية على ظهور بعض الاصوات ونمط غنائهم، حيث اخذت هذه الاصوات بالتنوع والاداء المتاثر بالاجواء التي عاشتها، فمن خلال هذا التاثر والتاثير ظهرت الى الوجود الفنون الغنائية البغدادية والمصلاوية والجنوبية والغربية والشمالية، وابدع اصحابها وبموجب ماتوصلت اليه ثقافتهم وخبرتهم وتجربتهم في الغناء والطرب، وانا حينما اكتب عن الفنون الموسيقية والغناء العراقي لكوني كنت مغرما به وعاشقا لالوانه لاصالته ولتفاعلي مع الكلمات والالحان واصوات المطربين انذاك مما جعلني استانس واطرب لسماعهم، وانا هنا في هذا المقال لا احب التشعب والخروج عن موضوعي الرئيسي والذي ساتناوله وانما حاولت من خلال هذا العرض الاستهلالي ان استعرض تلك الاجواء الايجابية والاصيلة لمسيرة الاغنية العراقية والتي جعلتني ان احلق في عالم الخيال لاحقق من خلاله اجمل صور وحكايات وهمية تجعلني اعيش في عالم الحب والعواطف الجياشة السامية.
الحكاية وما فيها
تعرفت على على صديق لي كنت ومازلت اعتز بصداقته، واكتشفت فيما بعد انه لاعب كرة القدم في فريق الجيش، وفوجئت حينما اعلمني انه شقيق لمطرب ريفي ونجم اعتلى سلالم الشهرة من خلال اغانيه التي اطربت الجماهير من المستمعين والمشاهدين وحركت عواطف الحب والذكريات العاطفية لجميع مستمعيه الا وهو المطرب الريفي المتالق المرحوم عبد الجبار الدراجي.
اذن من هو هذا المطرب وكيف
اشتهرت اغانيه
رصيد عالي من الاغاني التي سمعناها وانتشر صداها على نطاق العراق والوطن العربي والتي ابدع من خلالها الفنان المرحوم عبد الجبار الدراجي والذي بدأ مسيرته الفنية منذ عام 1959 مع اغنية (تانيني صحت عمي ياجمال) وحتى نهاية مسيرة حياته في سنة 2004 حيث رحل ورحلت معه اجمل ذكريات الليالي الريفية في بغداد. يذكر شقيقه السيد وليد الدراجي عن الراحل المطرب عبد الجبار الدراجي والذي يسكن حاليا في بغداد ان المرحوم حينما بدأ مسيرته الغنائية لم يكن يعزف غلى اية الة موسيقية بقدر ماكان تستهويه الاغاني الريفية والاستماع الى مطربي تلك الفترة الزمنية من تاريخ العراق والتاثر باصواتهم واطوار غنائهم، كان يستمتع بترديد اغاني المطرب عبد الصاحب شراد (ذبي العاباية) و (اه ياعيني شظامتلي اه ياعيني) والذي فيما بعد اصبح من اشد اصدقائه ويصاحبه في معظم حفلاته الغنائية. لقد ابدع هذا الفنان وتالق في غنائه الريفي مسجلا تاريخا حافلا وعطاءا غزيرا من الالحان وتاليف الكلمات له ولمعظم المطربين الريفيين وغيرهم من مطربي بغداد الحبيبة، لقد ساهم المطرب الفنان الراحل عبد الجبار الدراجي بتحرير الاغنية الريفية التقليدية واخرجها من اطارها الكلاسيكي والتي انتهجها معظم مطربي الريف ماقبله منهم حضيري ابو عزيز وداخل حسن والثنائي عبد الواحد جمعه وجواد وادي وناصر حكيم-- الخ. لقد جاء بالجديد كلاما ولحنا، واصبحت اغانيه تتردد على السنة العراق والوطن العربي ولاسيما في دول الخليج وسوريا ولبنان والاردن منها:
- (مكتوب مكتوبين اوديلك )
- و (دكتور جرحي الاولي عوفه)
- (علمتني شلون احبك) -- الخ.